ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين إن الذين [ ص: 492 ] لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله ولهم عذاب أليم إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولئك هم الكاذبون
قوله تعالى : "
ولقد نعلم أنهم يقولون " يعني :
قريشا "
إنما يعلمه بشر " أي : آدمي ، وما هو من عند الله .
وفيمن أرادوا بهذا البشر تسعة أقوال :
أحدها : أنه كان
لبني المغيرة غلام يقال له "
يعيش " يقرأ التوراة ، فقالوا : منه يتعلم
محمد ، فنزلت هذه الآية ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة في رواية : كان هذا الغلام
لبني عامر بن لؤي ، وكان روميا .
والثاني : أنه فتى كان
بمكة يسمى "
بلعام " وكان نصرانيا أعجميا ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمه ، فلما رأى المشركون دخوله إليه وخروجه ، قالوا ذلك ، روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا .
والثالث : أنه نزلت في كاتب كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه سلم ، فيملي عليه " سميع عليم " فيكتب هو " عزيز حكيم " أو نحو هذا ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
أي ذلك كتبت فهو كذلك " ، فافتتن ، وقال : إن
محمدا يكل ذلك إلي فأكتب ما شئت ، روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب .
والرابع : أنه غلام أعجمي لامرأة من
قريش يقال له : "
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر " ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتعلم منه ، فقال المشركون : إنما يتعلم
محمد من هذا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير .
[ ص: 493 ] والخامس : أنهم عنوا
nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان الفارسي ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك ; وفيه بعد من جهة أن
nindex.php?page=showalam&ids=23سلمان أسلم
بالمدينة ، وهذه [الآية] مكية .
والسادس : أنهم عنوا به رجلا حدادا كان يقال "
يحنس " النصراني ، قاله
ابن زيد .
والسابع : أنهم عنوا به غلاما
لعامر بن الحضرمي ، وكان يهوديا أعجميا ، واسمه "
يسار " ويكنى "
أبا فكيهة " ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل . وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير نحو هذا ، إلا أنه لم يقل : إنه كان يهوديا .
والثامن : أنهم عنوا غلاما أعجميا اسمه "
عايش " ، وكان مملوكا
nindex.php?page=showalam&ids=2207لحويطب ، وكان قد أسلم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء ،
nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج .
والتاسع : أنهما رجلان ، قال
عبد الله بن مسلم الحضرمي : كان لنا عبدان من أهل عين التمر ، يقال لأحدهما : "
يسار " وللآخر "
جبر " وكانا يصنعان السيوف
بمكة ، ويقرآن الإنجيل ، فربما مر بهما النبي صلى الله عليه وسلم وهما يقرآن ، فيقف يستمع ، فقال المشركون : إنما يتعلم منهما . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : فعلى هذا القول ، يكون البشر واقعا على اثنين ، والبشر من أسماء الأجناس ، يعبر عن اثنين ، كما يعبر " أحد " عن الاثنين والجميع ، والمذكر والمؤنث .
قوله تعالى : "
لسان الذي يلحدون إليه أعجمي " قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ،
nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم : " يلحدون " بضم الياء وكسر الحاء ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : " يلحدون " بفتح الياء والحاء . فأما القراءة الأولى ، فقال
[ ص: 494 ] nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : " يلحدون " أي : يميلون إليه ، ويزعمون أنه يعلمه ، وأصل الإلحاد الميل . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : " يلحدون " بضم الياء : يعترضون ، ومنه قوله :
ومن يرد فيه بإلحاد بظلم [الحج:25] أي : باعتراض ، و " يلحدون " بفتح الياء : يميلون . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : يلحدون إليه ، أي : يميلون القول فيه أنه أعجمي .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : لا يكاد عوام الناس يفرقون بين العجمي والأعجمي ، والعربي والأعرابي ، فالأعجمي : الذي لا يفصح وإن كان نازلا بالبادية ، والعجمي : منسوب إلى العجم وإن كان فصيحا ، والأعرابي : هو البدوي ، والعربي : منسوب إلى
العرب وإن لم يكن بدويا .
قوله تعالى : "
وهذا لسان " يعني : القرآن ، "
عربي " قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : أي : أن صاحبه يتكلم بالعربية .
قوله تعالى : "
إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله " أي : الذين إذا رأوا الآيات التي لا يقدر عليها إلا الله ، كذبوا بها ، "
وأولئك هم الكاذبون " أي : أن الكذب نعت لازم لهم ، وعادة من عاداتهم ، وهذا رد عليهم إذ قالوا : "
إنما أنت مفتر " [النحل :101] . وهذه الآية من أبلغ الزجر عن الكذب ، لأنه خص به من لا يؤمن .