[ ص: 507 ] وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون
قوله تعالى : "
وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به " في سبب نزولها قولان :
أحدهما :
nindex.php?page=hadith&LINKID=938693أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشرف على nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة ، فرآه صريعا ، فلم ير شيئا كان أوجع لقلبه منه ، فقال : " والله لأمثلن بسبعين منهم " ، فنزل جبريل ، والنبي صلى الله عليه وسلم واقف ، بقوله : " وإن عاقبتم . . " إلى آخرها ، فصبر رسول الله وكفر عن يمينه ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=64952رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة قد شق بطنه ، وجدعت أذناه ، فقال : " لولا أن تحزن النساء ، أو تكون سنة بعدي لتركته حتى يبعثه الله من بطون السباع والطير ، ولأقتلن مكانه سبعين رجلا منهم " فنزل قوله : " ادع إلى سبيل ربك " إلى قوله : " وما صبرك إلا بالله " . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ : "
لئن ظفرت بقاتل nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة لأمثلن به مثلة تتحدث بها العرب " ، وكانت
هند وآخرون معها قد مثلوا به ، فنزلت هذه الآية .
والثاني : أنه أصيب من
الأنصار يوم
أحد أربعة وستون ، ومن المهاجرين ستة منهم
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة ، ومثلوا بقتلاهم ، فقالت
الأنصار : لئن أصبنا منهم يوما من الدهر ، لنزيدن على عدتهم مرتين ، فنزلت هذه الآية ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب .
[ ص: 508 ] وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن المسلمين قالوا : لئن أمكننا الله منهم ، لنمثلن بالأحياء فضلا عن الأموات ، فنزلت هذه الآية . يقول : إن كنتم فاعلين ، فمثلوا بالأموات ، كما مثلوا بأمواتكم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : وإنما سمى فعل المشركين معاقبة وهم ابتدؤوا بالمثلة ، ليزدوج اللفظان ، فيخف على اللسان ، كقوله :
وجزاء سيئة سيئة مثلها [الشورى :40] .
فصل
واختلف العلماء ، هل هذه [الآية] منسوخة ، أم لا ؟ على قولين :
أحدهما : أنها نزلت قبل (براءة) فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقاتل من قاتله ، ولا يبدأ بالقتال ، ثم نسخ ذلك ، وأمر بالجهاد ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك ، فعلى هذا يكون المعنى : "
ولئن صبرتم " عن القتال ، ثم نسخ هذا بقوله :
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم [التوبة :5] .
والثاني : أنها محكمة ، وإنما نزلت فيمن ظلم ظلامة ، فلا يحل له أن ينال من ظالمه أكثر مما ناله الظالم منه ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، وعلى هذا يكون المعنى : ولئن صبرتم عن المثلة ، لا عن القتال .
قوله تعالى : "
واصبر وما صبرك إلا بالله " أي : بتوفيقه ومعونته . وهذا أمر بالعزيمة .
وفي قوله : "
ولا تحزن عليهم " قولان :
أحدهما : على كفار
مكة إن لم يسلموا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثاني : ولا تحزن على قتلى
أحد ، فإنهم أفضوا إلى رحمة الله ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15466علي بن أحمد النيسابوري .
[ ص: 509 ] قوله تعالى : "
ولا تك في ضيق " قرأ الأكثرون بنصب الضاد ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير : " في ضيق " بكسر الضاد هاهنا وفي (النمل :70) . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : الضيق بفتح الضاد : ما ضاق عنه صدرك ، والضيق : ما يكون في الذي يضيق ويتسع ، مثل الدار والثوب وأشباه ذلك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : الضيق : تخفيف ضيق ، مثل : هين ولين ، وهو ، إذا كان على هذا التأويل : صفة ، كأنه قال : لا تك في أمر ضيق من مكرهم . قال : ويقال : مكان ضيق وضيق ، بمعنى واحد ، كما يقال : رطل ورطل ، وهذا أعجب إلي . فأما مكرهم المذكور هاهنا ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : فعلهم وعملهم .
قوله تعالى : "
إن الله مع الذين اتقوا " ما نهاهم عنه ، وأحسنوا فيما أمرهم به ، بالعون والنصر .