[ ص: 3 ] سورة بني إسرائيل
فصل في نزولها
هي مكية في قول الجماعة، إلا أن بعضهم يقول: فيها مدني، فروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال: هي مكية إلا ثمان آيات من قوله:
وإن كادوا ليفتنونك إلى قوله:
نصيرا [ الإسراء: 73 - 75 ]، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل: فيها من المدني:
وقل رب أدخلني مدخل صدق [ الإسراء: 80 ]، وقوله:
إن الذين أوتوا العلم من قبله [ الإسراء: 107 ]، وقوله:
إن ربك أحاط بالناس [ الإسراء: 60 ]، وقوله:
وإن كادوا ليفتنونك [ الإسراء: 73 ]، وقوله:
وإن كادوا ليستفزونك [ الإسراء: 76 ]، وقوله:
ولولا أن ثبتناك والتي تليها [ الإسراء: 74، 75 ] .
بسم الله الرحمن الرحيم
سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير .
قوله تعالى: "
سبحان " روي
عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن تفسير " سبحان الله " ، فقال: " تنزيه لله عن كل سوء " ، وقد ذكرنا هذا المعنى في ( البقرة: 32 ) .
[ ص: 4 ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: و " أسرى " بمعنى: سير عبده، يقال: أسريت وسريت: إذا سرت ليلا . وقد جاءت اللغتان في القرآن، قال الله تعالى:
والليل إذا يسر [ الفجر: 4 ] .
وفي معنى التسبيح هاهنا قولان:
أحدهما: أن
العرب تسبح عند الأمر المعجب، فكأن الله تعالى عجب العباد مما أسدى إلى رسوله من النعمة .
والثاني: أن يكون خرج مخرج الرد عليهم ; لأنه لما حدثهم بالإسراء كذبوه، فيكون المعنى: تنزه الله أن يتخذ رسولا كذابا . ولا خلاف أن المراد بعبده هاهنا:
محمد صلى الله عليه وسلم .
وفي قوله: "
من المسجد الحرام " قولان:
أحدهما: أنه أسري به من نفس المسجد، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة، ويسنده حديث
مالك بن صعصعة، وهو في " الصحيحين " : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=889614بينا أنا في الحطيم " ، وربما قال بعض الرواة: " في الحجر " .
والثاني: أنه أسري به من بيت
nindex.php?page=showalam&ids=94أم هانئ، وهو قول أكثر المفسرين،
[ ص: 5 ] فعلى هذا يعني
بالمسجد الحرام: الحرم . والحرم كله مسجد، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى وغيره .
فأما "
المسجد الأقصى " : فهو
بيت المقدس، وقيل له: الأقصى; لبعد المسافة بين المسجدين . ومعنى "
باركنا حوله " : أن الله أجرى حوله الأنهار وأنبت الثمار، وقيل: لأنه مقر الأنبياء ومهبط الملائكة .
واختلف العلماء، هل دخل
بيت المقدس أم لا ; فروى
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة أنه دخل
بيت المقدس، وصلى فيه بالأنبياء، ثم عرج به إلى السماء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بن اليمان: لم يدخل
بيت المقدس ولم يصل فيه، ولا نزل عن البراق حتى عرج به .
فإن قيل: ما معنى قوله: "
إلى المسجد الأقصى " ، وأنتم تقولون: صعد إلى السماء ؟
فالجواب: أن الإسراء كان إلى هنالك، والمعراج كان من هنالك .
وقيل: إن الحكمة في ذكر ذلك: أنه لو أخبر بصعوده إلى السماء في بدء الحديث، لاشتد إنكارهم، فلما أخبر
ببيت المقدس، وبان لهم صدقه فيما أخبرهم به من العلامات الصادقة، أخبر بمعراجه .
قوله تعالى: "
لنريه من آياتنا " ، يعني: ما رأى ; أي: تلك الليلة من العجائب التي أخبر بها الناس .
" إنه هو السميع " لمقالة
قريش، "
البصير " بها . وقد ذكرنا في كتابنا المسمى بـ " الحدائق " أحاديث المعراج، وكرهنا الإطالة هاهنا .