ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا وأوفوا الكيل إذا كلتم وزنوا بالقسطاس المستقيم ذلك خير وأحسن [ ص: 34 ] تأويلا ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا .
قوله تعالى: "
ولا تقربوا مال اليتيم " قد شرحناه في ( الأنعام: 152 ) .
قوله تعالى: "
وأوفوا بالعهد " وهو عام فيما بين العبد وبين ربه، وفيما بينه وبين الناس . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: كل ما أمر الله به ونهى عنه فهو من العهد .
قوله تعالى: "
كان مسؤولا " قال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة: أي: مسؤولا عنه .
قوله تعالى: "
وأوفوا الكيل إذا كلتم " ; أي: أتموه ولا تبخسوا منه .
قوله تعالى: "
وزنوا بالقسطاس " فيه خمس لغات: أحدها: ( قسطاس ) بضم القاف وسينين، وهذه قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير، nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع، وأبي عمرو، nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر، nindex.php?page=showalam&ids=11948وأبي بكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم هاهنا وفي ( الشعراء: 182 ) . والثانية كذلك، إلا أن القاف مكسورة، وهذه قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي، وحفص عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: هما لغتان . والثالثة: ( قصطاص ) بصادين . والرابعة: ( قصطاس ) بصاد قبل الطاء وسين بعدها، وهاتان مرويتان عن
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة . والخامسة: ( قسطان ) بالنون . قرأت على شيخنا
أبي منصور اللغوي عن
ابن دريد، قال: القسطاس: الميزان، رومي معرب، ويقال: قسطاس وقسطاس .
قوله تعالى: "
ذلك خير " ; أي: ذلك الوفاء خير عند الله وأقرب إليه، "
وأحسن تأويلا " ; أي: عاقبة في الجزاء .
قوله تعالى: "
ولا تقف ما ليس لك به علم " قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: أصل " تقف " من القيافة، وهي تتبع الأثر، وفيه لغتان: قفا يقفو، وقاف يقوف، وأكثر القراء يجعلونها من ( قفوت )، فيحرك الفاء إلى الواو ويجزم القاف، كما تقول: لا تدع . وقرأ
معاذ القارئ: ( لا تقف )، مثل: تقل،
والعرب [ ص: 35 ] تقول: قفت أثره، وقفوت، ومثله: عاث وعثا، وقاع الجمل الناقة، وقعاها: إذا ركبها . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: من قرأ بإسكان الفاء وضم القاف من قاف يقوف، فكأنه مقلوب من قفا يقفو، والمعنى واحد، تقول: قفوت الشيء أقفوه قفوا: إذا تبعت أثره . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة: "
ولا تقف " ; أي: لا تتبعه الظنون والحدس، وهو من القفاء مأخوذ، كأنك تقفو الأمور ; أي: تكون في أقفائها وأواخرها تتعقبها، والقائف: الذي يعرف الآثار ويتبعها، فكأنه مقلوب عن القافي .
وللمفسرين في المراد به أربعة أقوال:
أحدها: لا ترم أحدا بما ليس لك به علم، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14836العوفي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثاني: لا تقل: رأيت، ولم تر، ولا سمعت، ولم تسمع، رواه
عثمان بن عطاء، عن أبيه، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
والثالث: لا تشرك بالله شيئا، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والرابع: لا تشهد بالزور، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد بن الحنفية .
قوله تعالى: "
إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك " قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: إنما قال: " كل " ، ثم قال: " كان " ; لأن كلا في لفظ الواحد، وإنما قال: " أولئك " لغير الناس ; لأن كل جمع أشرت إليه من الناس وغيرهم من الموات، تشير إليه بلفظ " أولئك " ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15626جرير: ذم المنازل بعد منزلة اللوى والعيش بعد أولئك الأيام
قال المفسرون: الإشارة إلى الجوارح المذكورة، يسأل العبد يوم القيامة فيما إذا
[ ص: 36 ] استعملها، وفي هذا زجر عن النظر إلى ما لا يحل، والاستماع إلى ما يحرم، والعزم على ما لا يجوز .