يوم ندعوا كل أناس بإمامهم فمن أوتي كتابه بيمينه فأولئك يقرءون كتابهم ولا يظلمون فتيلا ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا .
قوله تعالى: "
يوم ندعوا " قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: هو منصوب على معنى: اذكر، "
يوم ندعوا كل أناس بإمامهم " والمراد به: يوم القيامة . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري: ( يوم يدعو ) بالياء، ( كل ) بالنصب . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12107أبو عمران الجوني: ( يوم يدعى ) بياء مرفوعة، وفتح العين، وبعدها ألف، ( كل ) بالرفع .
وفي المراد بإمامهم أربعة أقوال:
أحدها: أنه رئيسهم، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وروى عنه
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير أنه قال: إمام هدى، أو إمام ضلالة .
[ ص: 65 ]
والثاني: عملهم، رواه
عطية عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية .
والثالث: نبيهم، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد في رواية .
والرابع: كتابهم، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد في رواية، ثم فيه قولان: أحدهما: أنه كتابهم الذي فيه أعمالهم، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل . والثاني: كتابهم الذي أنزل عليهم، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد . فعلى القول الأول يقال: يا متبعي
موسى، يا متبعي
عيسى، يا متبعي
محمد، ويقال: يا متبعي رؤساء الضلالة . وعلى الثاني: يا من عمل كذا وكذا . وعلى الثالث: يا أمة
موسى، يا أمة
عيسى، يا أمة
محمد . وعلى الرابع: يا أهل التوراة، يا أهل الإنجيل، يا أهل القرآن . أو يا صاحب الكتاب الذي فيه عمل كذا وكذا .
قوله تعالى: "
فأولئك يقرءون كتابهم " معناه: يقرؤون حسناتهم ; لأنهم أخذوا كتبهم بإيمانهم .
قوله تعالى: "
ولا يظلمون فتيلا " ; أي: لا ينقصون من ثوابهم بقدر الفتيل، وقد بيناه في سورة ( النساء: 49 ) .
قوله تعالى: "
ومن كان في هذه أعمى " قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير، nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع، nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر: ( أعمى فهو في الآخرة أعمى ) مفتوحتي الميم . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي، nindex.php?page=showalam&ids=11948وأبو بكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم بكسر الميمين . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو: ( في هذه أعمى ) بكسر الميم، ( فهو في الآخرة أعمى ) بفتحها .
وفي المشار إليها بـ " هذه " قولان:
أحدهما: أنها الدنيا، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . ثم في معنى الكلام خمسة أقوال: أحدها:
[ ص: 66 ] من كان في الدنيا أعمى عن معرفة قدرة الله في خلق الأشياء، فهو عما وصف له في الآخرة أعمى، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . والثاني: من كان في الدنيا أعمى بالكفر فهو في الآخرة أعمى ; لأنه في الدنيا تقبل توبته وفي الآخرة لا تقبل، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن . والثالث: من عمي عن آيات الله في الدنيا، فهو عن الذي غيب عنه من أمور الآخرة أشد عمى . والرابع: من عمي عن نعم الله التي بينها في قوله: "
ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر " إلى قوله: "
تفضيلا " ، فهو في الآخرة أعمى عن رشاده وصلاحه، ذكرهما
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري . والخامس: من كان فيها أعمى عن الحجة، فهو في الآخرة أعمى عن الجنة، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16770أبو بكر الوراق .
والثاني: أنها النعم . ثم في الكلام قولان: أحدهما: من كان أعمى عن النعم التي ترى وتشاهد، فهو في الآخرة التي لم تر أعمى، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . والثاني: من كان أعمى عن معرفة حق الله في هذه النعم المذكورة في قوله: "
ولقد كرمنا بني آدم " ولم يؤد شكرها، فهو فيما بينه وبين الله مما يتقرب به إليه أعمى " وأضل سبيلا " ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12095أبو علي الفارسي: ومعنى قوله: "
في الآخرة أعمى " ; أي: أشد عمى ; لأنه كان في الدنيا يمكنه الخروج عن عماه بالاستدلال، ولا سبيل له في الآخرة إلى الخروج من عماه . وقيل: معنى العمى في الآخرة: أنه لا يهتدي إلى طريق الثواب، وهذا كله من عمى القلب .
فإن قيل: لم قال: "
فهو في الآخرة أعمى " ، ولم يقل: أشد عمى ; لأن العمى خلقة بمنزلة الحمرة والزرقة،
والعرب تقول: ما أشد سواد زيد، وما أبين زرقة عمرو، وقلما يقولون: ما أسود زيدا، وما أزرق عمرا ؟
فالجواب: أن المراد بهذا العمى: عمى القلب، وذلك يتزايد ويحدث منه
[ ص: 67 ] شيء بعد شيء، فيخالف الخلق اللازمة التي لا تزيد، نحو عمى العين، والبياض، والحمرة، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري .