ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا .
قوله تعالى: "
ويسألونك عن الروح " في سبب نزولها قولان:
أحدهما:
nindex.php?page=hadith&LINKID=654352أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بناس من اليهود، فقالوا: سلوه عن الروح ؟ فقال بعضهم: لا تسألوه فيستقبلكم بما تكرهون، فأتاه نفر منهم، فقالوا: يا أبا القاسم ما تقول في الروح ؟ فسكت، ونزلت هذه الآية، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود .
والثاني:
أن اليهود قالت لقريش: سلوا محمدا عن ثلاث، فإن أخبركم عن اثنتين وأمسك عن الثالثة فهو نبي، سلوه عن فتية فقدوا، وسلوه عن ذي القرنين، وسلوه عن الروح ; فسألوه عنها، ففسر لهم أمر الفتية في الكهف، وفسر لهم قصة ذي القرنين، وأمسك عن قصة الروح، فنزلت هذه الآية، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . [ ص: 82 ]
وفي المراد بالروح هاهنا ستة أقوال:
أحدها: أنه الروح الذي يحيا به البدن، روى هذا المعنى
nindex.php?page=showalam&ids=14836العوفي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وقد اختلف الناس في ماهية الروح، ثم اختلفوا هل الروح النفس، أم هما شيئان فلا يحتاج إلى ذكر اختلافهم ; لأنه لا برهان على شيء من ذلك، وإنما هو شيء أخذوه عن الطب والفلاسفة ؟ فأما السلف فإنهم أمسكوا عن ذلك لقوله تعالى: "
قل الروح من أمر ربي " ، فلما رأوا أن القوم سألوا عن الروح فلم يجابوا، ولوحي ينزل والرسول حي، علموا أن السكوت عما لم يحط بحقيقة علمه أولى .
والثاني: أن المراد بهذا الروح: ملك من الملائكة على خلقة هائلة، روي عن
علي عليه السلام،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس، nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل .
والثالث: أن الروح خلق من خلق الله عز وجل صورهم على صور بني
آدم، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والرابع: أنه
جبريل عليه السلام، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة .
والخامس: أنه القرآن، روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن أيضا .
والسادس: أنه
عيسى بن مريم، حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12033أبو سليمان الدمشقي: قد ذكر الله تعالى الروح في مواضع من القرآن، فغالب ظني أن الناقلين نقلوا تفسيره من موضعه إلى موضع لا يليق به، وظنوه مثله، وإنما هو الروح الذي يحيى به ابن
آدم . وقوله:
" من أمر ربي " ; أي: من عمله الذي منع أن يعرفه أحد .
قوله تعالى: "
وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " في المخاطبين بهذا قولان:
أحدهما: أنهم اليهود، قاله الأكثرون .
[ ص: 83 ]
والثاني: أنهم جميع الخلق، علمهم قليل بالإضافة إلى علم الله عز وجل، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي .
فإن قيل: كيف الجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى:
ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا [ البقرة: 269 ] ؟
فالجواب: أن ما أوتيه الناس من العلم، وإن كان كثيرا، فهو بالإضافة إلى علم الله قليل .