وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأووا إلى الكهف ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه ذلك [ ص: 116 ] من آيات الله من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا .
قوله تعالى: "
وإذ اعتزلتموهم " قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: هذا [ قول ]
يمليخا، وهو رئيس أصحاب الكهف، قال لهم: وإذ اعتزلتموهم ; أي: فارقتموهم، يريد: عبدة الأصنام، " وما يعبدون إلا الله " فيه قولان:
أحدهما: واعتزلتم ما يعبدون إلا الله، فإن القوم كانوا يعبدون الله ويعبدون معه آلهة، فاعتزل الفتية عبادة الآلهة ولم يعتزلوا عبادة الله، هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء .
والثاني: وما يعبدون غير الله، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: هي في مصحف عبد الله: ( وما يعبدون من دون الله )، وهذا تفسيرها .
قوله تعالى: "
فأووا إلى الكهف " ; أي: اجعلوه مأواكم، "
ينشر لكم ربكم من رحمته " ; أي: يبسط عليكم من رزقه، "
ويهيئ لكم من أمركم مرفقا " قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير، nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم، nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي: ( مرفقا بكسر الميم وفتح الفاء . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر: ( مرفقا بفتح الميم وكسر الفاء . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: أهل
الحجاز يقولون: ( مرفقا ) بفتح الميم وكسر الفاء، في كل مرفق ارتفقت به، ويكسرون مرفق الإنسان،
والعرب قد يكسرون الميم منهما جميعا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري: معنى الآية: ويهيئ لكم بدلا من أمركم الصعب مرفقا، قال الشاعر:
فليت لنا من ماء زمزم شربة مبردة باتت على طهيان
[ ص: 117 ]
معناه: فليت لنا بدلا من ماء زمزم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: "
ويهيئ لكم " : يسهل عليكم ما تخافون من الملك وظلمه، ويأتكم باليسر والرفق واللطف .
قوله تعالى: "
وترى الشمس إذا طلعت " المعنى: لو رأيتها لرأيت ما وصفنا . "
تزاور " قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير، nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع، nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو : ( تزاور ) بتشديد الزاي . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم، nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي: ( تزاور ) خفيفة . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابن عامر: ( تزور ) مثل: ( تحمر ) . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب، وأبو مجلز، nindex.php?page=showalam&ids=12004وأبو رجاء، والجحدري: ( تزوار ) بإسكان الزاي وبألف ممدودة بعد الواو من غير همزة مشددة الراء . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، nindex.php?page=showalam&ids=11904وأبو المتوكل، وابن السميفع: ( تزوئر ) بهمزة قبل الراء مثل: ( تزوعر ) . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11838أبو الجوزاء وأبو السماك: ( تزور ) بفتح التاء والزاي وتشديد الواو المفتوحة خفيفة الراء، مثل: ( تكور ) ; أي: تميل وتعدل . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: أصل " تزاور " : تتزاور، فأدغمت التاء في الزاي . و "
تقرضهم " ; أي: تعدل عنهم وتتركهم، وقال
ذو الرمة: إلى ظعن يقرضن أجواز مشرف شمالا وعن أيمانهن الفوارس
يقرضن: يتركن، وأصل القرض: القطع والتفرقة بين الأشياء، ومنه قولك: أقرضني درهما ; أي: اقطع لي من مالك درهما . قال المفسرون: كان كهفهم بإزاء بنات نعش في أرض
الروم، فكانت الشمس تميل عنهم طالعة وغاربة، لا تدخل عليهم فتؤذيهم بحرها وتغير ألوانهم، ثم أخبر أنهم كانوا في متسع من الكهف ينالهم فيه برد الريح ونسيم الهواء، فقال: "
وهم في فجوة منه " قال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة: أي: [ في ] متسع، والجميع: فجوات وفجاء، بكسر الفاء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: إنما
[ ص: 118 ] صرف الشمس عنهم آية من الآيات، ولم يرض قول من قال: كان كهفهم بإزاء بنات نعش .
قوله تعالى: "
ذلك من آيات الله " يشير إلى ما صنعه بهم من اللطف في هدايتهم، وصرف أذى الشمس عنهم، والرعب الذي ألقى عليهم، حتى لم يقدر الملك الظالم ولا غيره على أذاهم . "
من آيات الله " ; أي: من دلائله على قدرته ولطفه . "
من يهد الله فهو المهتد " هذا بيان أنه هو الذي تولى هداية القوم، ولولا ذلك لم يهتدوا .