أفلم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات لأولي النهى ولولا كلمة [ ص: 333 ] سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك ترضى .
قوله تعالى : "
أفلم يهد لهم " ; أي : أفلم يتبين لكفار
مكة إذا نظروا آثار من أهلكنا من الأمم ، وكانت
قريش تتجر ، وترى مساكن
عاد وثمود ، وفيها علامات الهلاك ، فذلك قوله تعالى: "
يمشون في مساكنهم " . وروى
زيد عن
يعقوب : ( أفلم نهد ) بالنون .
قوله تعالى : "
ولولا كلمة سبقت من ربك " في تأخير العذاب عن هؤلاء الكفار إلى يوم القيامة ، وقيل : إلى يوم
بدر ، وقيل : إلى انقضاء آجالهم . "
لكان لزاما " ; أي : لكان العذاب لزاما ; أي : لازما لهم . واللزام : مصدر وصف به العذاب . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء nindex.php?page=showalam&ids=13436وابن قتيبة : في هذه الآية تقديم وتأخير ، والمعنى : ولولا كلمة وأجل مسمى لكان لزاما .
قوله تعالى : "
فاصبر على ما يقولون " أمر الله تعالى نبيه بالصبر على ما يسمع من أذاهم ، إلى أن يحكم الله فيهم ، ثم حكم فيهم بالقتل ، ونسخ بآية السيف إطلاق الصبر .
قوله تعالى : "
وسبح بحمد ربك " ; أي : صل له بالحمد له والثناء عليه ، "
قبل طلوع الشمس " يريد : الفجر ، "
وقبل غروبها " يعني : العصر ، "
ومن آناء الليل " الآناء : الساعات ، وقد بيناها في ( آل عمران : 113 ) ، "
فسبح " ; أي : فصل .
وفي المراد بهذه الصلاة أربعة أقوال :
أحدها : المغرب والعشاء ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
والثاني : جوف الليل ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14836العوفي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
[ ص: 334 ]
والثالث : العشاء ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد .
والرابع : أول الليل وأوسطه وآخره ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن .
قوله تعالى : "
وأطراف النهار " المعنى : وسبح أطراف النهار . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : إنما هم طرفان ، فخرجا مخرج الجمع ، كقوله تعالى :
إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما [ التحريم : 4 ] .
وللمفسرين في المراد بهذه الصلاة ثلاثة أقوال :
أحدها : أنها الظهر ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ; فعلى هذا إنما قيل لصلاة الظهر : أطراف النهار ; لأن وقتها عند الزوال ، فهو طرف النصف الأول وطرف النصف الثاني .
والثاني : أنها صلاة المغرب وصلاة الصبح ، قاله
ابن زيد ، وهذا على أن الفجر في ابتداء الطرف الأول ، والمغرب في انتهاء الطرف الثاني .
والثالث : أنها الفجر والظهر والعصر ; فعلى هذا يكون الفجر من الطرف الأول ، والظهر والعصر من الطرف الثاني ، حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء .
قوله تعالى : "
لعلك ترضى " قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ،
nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر ،
nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة ،
وحفص عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم : ( ترضى ) بفتح التاء . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي nindex.php?page=showalam&ids=11948وأبو بكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم بضمها . فمن فتح فالمعنى : لعلك ترضى ثواب الله الذي يعطيك . ومن ضمها ففيه وجهان :
أحدهما : لعلك ترضى بما تعطى . والثاني : لعل الله أن يرضاك .