أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ويستعجلونك بالعذاب ولن [ ص: 439 ] يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمة ثم أخذتها وإلي المصير .
قوله تعالى : "
أفلم يسيروا " قال المفسرون : أفلم يسر قومك في أرض
اليمن والشام ، "
فتكون لهم قلوب يعقلون بها " إذا نظروا آثار من هلك ، "
أو آذان يسمعون بها " أخبار الأمم المكذبة ، "
فإنها لا تعمى الأبصار " قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : الهاء في قوله : "
فإنها " عماد ، والمعنى : أن أبصارهم لم تعم ، وإنما عميت قلوبهم . وأما قوله : "
التي في الصدور " فهو توكيد ; لأن القلب لا يكون إلا في الصدر ، ومثله :
تلك عشرة كاملة [ البقرة : 196 ] ،
يطير بجناحيه [ الأنعام : 38 ] ،
يقولون بأفواههم [ آل عمران : 167 ] .
قوله تعالى : "
ويستعجلونك بالعذاب " قال
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل : نزلت في
النضر بن الحارث القرشي . وقال غيره : هو قولهم له :
متى هذا الوعد [ الملك : 25 ] ، ونحوه من استعجالهم . "
ولن يخلف الله وعده " في إنزال العذاب بهم في الدنيا ، فأنزله بهم يوم
بدر ، "
وإن يوما عند ربك " ; أي : من أيام الآخرة ، "
كألف سنة مما تعدون " من أيام الدنيا . قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر : ( تعدون ) بالتاء . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ،
nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : ( يعدون ) بالياء .
فإن قيل : كيف انصرف الكلام من ذكر العذاب إلى قوله : "
وإن يوما عند ربك " ؟ فعنه جوابان :
أحدهما : أنهم استعجلوا العذاب في الدنيا ، فقيل لهم : لن يخلف الله وعده في إنزال العذاب بكم في الدنيا ، وإن يوما من أيام عذابكم في الآخرة كألف سنة من سني الدنيا ، فكيف تستعجلون بالعذاب ؟ فقد تضمنت الآية وعدهم بعذاب الدنيا والآخرة ، هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء .
[ ص: 440 ]
والثاني : وإن يوما عند الله وألف سنة سواء في قدرته على عذابهم ، فلا فرق بين وقوع ما يستعجلونه وبين تأخيره في القدرة ، إلا أن الله تفضل عليهم بالإمهال ، هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج .