[ ص: 108 ] ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا .
والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا .
والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما
قوله تعالى:
ومن تاب ظاهر هذه التوبة أنها عن الذنوب المذكورة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يعني : ممن لم يقتل ولم يزن ،
وعمل صالحا فإني قد قدمتهم وفضلتهم على من قاتل نبيي واستحل محارمي .
قوله تعالى:
فإنه يتوب إلى الله متابا قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : معناه : من أراد التوبة وقصد حقيقتها ، فينبغي له أن يريد الله بها ولا يخلط بها ما يفسدها ; وهذا كما يقول الرجل من تجر فإنه يتجر في البز ومن ناظر فإنه يناظر في النحو ، أي : من أراد ذلك ، فينبغي أن يقصد هذا الفن ; قال : ويجوز أن يكون معنى [هذه] الآية : ومن تاب وعمل صالحا ، فإن ثوابه وجزاءه يعظمان له عند ربه الذي أراد بتوبته ، فلما كان قوله :
فإنه يتوب إلى الله متابا يؤدي عن هذا المعنى ، كفى منه ، وهذا كما يقول الرجل للرجل : إذا تكلمت فاعلم
[ ص: 109 ] أنك تكلم الوزير ، أي : تكلم من يعرف كلامك ويجازيك ، ومثله قوله تعالى:
إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت [يونس : 71] أي : فإني أتوكل على من ينصرني ولا يسلمني . وقال قوم : معنى الآية : فإنه يرجع إلى الله مرجعا يقبله منه .
قوله تعالى:
والذين لا يشهدون الزور فيه ثمانية أقوال .
أحدها : أنه الصنم ; روى
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن الزور صنم كان للمشركين . والثاني : أنه الغناء ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12691محمد بن الحنفية ،
nindex.php?page=showalam&ids=17134ومكحول ; وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16861ليث عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد قال : لا يسمعون الغناء . والثالث : الشرك ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك ، وأبو مالك . والرابع : لعب كان لهم في الجاهلية ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة . والخامس : الكذب ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج . والسادس : شهادة الزور ، قاله
علي بن أبي طلحة . والسابع : أعياد المشركين ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس . والثامن : مجالس الخنا ، قاله
عمرو بن قيس .
[ ص: 110 ] وفي المراد باللغو هاهنا خمسة أقوال .
أحدها : المعاصي قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن . والثاني : أذى المشركين إياهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . والثالث : الباطل ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة . والرابع : الشرك ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك . والخامس : إذا ذكروا النكاح كنوا عنه ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . وقال
محمد بن علي : إذا ذكروا الفروج كنوا عنها .
قوله تعالى:
مروا كراما فيه ثلاثة أقوال .
أحدها : مروا حلماء ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15097ابن السائب . والثاني : مروا معرضين عنه ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل . والثالث : أن المعنى : إذا مروا باللغو جاوزوه ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء .
قوله تعالى:
والذين إذا ذكروا أي : وعظوا
بآيات ربهم وهي القرآن
لم يخروا عليها صما وعميانا قال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : لم يتغافلوا عنها كأنهم صم لم يسمعوها ، عمي لم يروها . وقال غيره من أهل اللغة : لم يثبتوا على حالتهم الأولى كأنهم لم يسمعوا ولم يروا ، وإن لم يكونوا خروا حقيقة ; تقول
العرب : شتمت فلانا فقام يبكي ، وقعد يندب ، وأقبل يعتذر ، وظل يتحير ، وإن لم يكن قام ولا قعد .
[ ص: 111 ] قوله تعالى:
هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ،
nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر ،
وحفص عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم : " وذرياتنا " على الجمع . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11948وأبو بكر ،
[وحفص] عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم : " وذريتنا " على التوحيد ،
قرة أعين وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
وأبو حيوة : " قرات أعين " يعنون : من يعمل بطاعتك فتقر به أعيننا في الدنيا والآخرة . وسئل
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن عن قوله : "
قرة أعين " في الدنيا أم في الآخرة؟ قال : لا ، بل في الدنيا ، وأي شيء أقر لعين المؤمن من أن يرى زوجته وولده يطيعون الله ، والله ما طلب القوم إلا أن يطاع الله فتقر أعينهم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء : إنما قال : "
قرة " لأنها فعل ، والفعل لا يكاد يجمع ، ألا ترى إلى قوله :
وادعوا ثبورا كثيرا [الفرقان : 14] فلم يجمعه ; والقرة مصدر ، تقول : قرت عينه قرة ، ولو قيل : قرة عين أو قرات أعين كان صوابا . وقال غيره : أصل القرة من البرد ، لأن
العرب تتأذى بالحر ، وتستروح إلى البرد .
قوله تعالى:
واجعلنا للمتقين إماما فيه قولان .
أحدهما : اجعلنا أئمة يقتدى بنا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وقال غيره : هذا من الواحد الذي يراد به الجمع ، كقوله :
إنا رسول رب العالمين [الشعراء : 16] ، وقوله :
فإنهم عدو لي [الشعراء : 77] .
والثاني : اجعلنا مؤتمين بالمتقين مقتدين بهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ; فعلى هذا يكون الكلام من المقلوب ، فيكون المعنى : واجعل المتقين لنا إماما .