وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به كافرون .
وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون والذين [ ص: 459 ] يسعون في آياتنا معاجزين أولئك في العذاب محضرون .
قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين وما أرسلنا في قرية من نذير أي: نبي ينذر
إلا قال مترفوها وهم أغنياؤها ورؤساؤها .
قوله تعالى:
وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا . في المشار إليهم
[ ص: 460 ] قولان . أحدهما: أنهم المترفون من كل أمة . والثاني: مشركو
مكة، فظنوا من جهلهم أن الله خولهم المال والولد لكرامتهم عليه، فقالوا:
وما نحن بمعذبين لأن الله أحسن إلينا بما أعطانا فلا يعذبنا، فأخبر أنه
يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ; والمعنى أن بسط الرزق وتضييقه ابتلاء وامتحان، لا أن البسط يدل على رضى الله، ولا التضييق يدل على سخطه
ولكن أكثر الناس لا يعلمون ذلك . ثم صرح بهذا المعنى بقوله:
وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: يصلح أن تقع " التي " على الأموال والأولاد جميعا، لأن الأموال جمع والأولاد جمع; وإن شئت وجهت " التي " إلى الأموال، واكتفيت بها من ذكر الأولاد; وأنشد
لمرار الأسدي: نحن بما عندنا وأنت بما عندك راض والرأي مختلف
وقد شرحنا هذا في قوله:
ولا ينفقونها في سبيل الله [التوبة: 34] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: المعنى: وما أموالكم بالتي تقربكم، ولا أولادكم بالذين يقربونكم، فحذف اختصارا . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن، nindex.php?page=showalam&ids=11838وأبو الجوزاء: " باللاتي تقربكم " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13674الأخفش: و "
زلفى " هاهنا اسم مصدر، كأنه قال: تقربكم عندنا ازدلافا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : "
زلفى " أي: قربى ومنزلة عندنا .
[ ص: 461 ] قوله تعالى:
إلا من آمن قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: المعنى: ما تقرب الأموال إلا من آمن وعمل بها في طاعة الله،
فأولئك لهم جزاء الضعف والمراد به ها هنا عشر حسنات، تأويله: لهم جزاء الضعف الذي قد أعلمتكم مقداره . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : لم يرد فيما يرى أهل النظر- والله أعلم- أنهم يجازون بواحد مثله، ولا اثنين، ولكنه أراد جزاء التضعيف، وهو مثل يضم إلى مثل ما بلغ، وكأن الضعف الزيادة، فالمعنى: لهم جزاء الزيادة . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير، nindex.php?page=showalam&ids=11904وأبو المتوكل، ورويس، وزيد عن
يعقوب: " لهم جزاء " بالنصب والتنوين وكسر التنوين وصلا " الضعف " بالرفع . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11838أبو الجوزاء، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة، nindex.php?page=showalam&ids=12107وأبو عمران الجوني: " لهم جزاء " بالرفع والتنوين " الضعف " بالرفع .
قوله تعالى:
وهم في الغرفات يعني [في] غرف الجنة، وهي البيوت فوق الأبنية . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة: " في الغرفة " على التوحيد; أراد اسم الجنس . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن، nindex.php?page=showalam&ids=11904وأبو المتوكل: " في الغرفات " بضم الغين وسكون الراء مع الألف . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11838أبو الجوزاء، nindex.php?page=showalam&ids=17344وابن يعمر: بضم الغين وفتح الراء مع الألف
آمنون من الموت والغير . وما بعد هذا قد تقدم تفسيره [الحج: 51، الرعد: 26 إلى قوله:
وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه أي: يأتي ببدله، يقال: أخلف الله له وعليه: إذا أبدل ما ذهب عنه وفي معنى الكلام أربعة أقوال .
أحدها: ما أنفقتم من غير إسراف ولا تقتير فهو يخلفه، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير .
والثاني: ما أنفقتم في طاعته، فهو يخلفه في الآخرة بالأجر، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي .
والثالث : ما أنفقتم في الخير والبر فهو يخلفه، إما أن يعجله في الدنيا، أو يدخره لكم في الآخرة، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15097ابن السائب . [ ص: 462 ] والرابع : أن الإنسان قد ينفق ماله في الخير ولا يرى له خلفا أبدا; وإنما معنى الآية: ما كان من خلف فهو منه، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13968الثعلبي .
قوله تعالى:
وهو خير الرازقين لما دار على الألسن أن السلطان يرزق الجند، وفلان يرزق عياله، أي: يعطيهم، أخبر أنه خير المعطين .