ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير .
جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير
قوله تعالى:
ثم أورثنا الكتاب في " ثم " وجهان; أحدهما: أنها بمعنى الواو، والثاني: أنها للترتيب . والمعنى: أنزلنا الكتب المتقدمة، ثم أورثنا الكتاب
الذين اصطفينا وفيهم قولان .
أحدهما: أنهم أمة
محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثاني: أنهم الأنبياء وأتباعهم، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن . [ ص: 488 ] وفي الكتاب قولان .
أحدهما: أنه اسم جنس والمراد به الكتب التي أنزلها الله عز وجل، وهذا يخرج على القولين . فإن قلنا: الذين اصطفوا أمة
محمد، فقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: إن الله أورث أمة
محمد صلى الله عليه وسلم كل كتاب أنزله . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير الطبري: ومعنى ذلك: أورثهم الإيمان بالكتب كلها- وجميع الكتب تأمر باتباع القرآن- فهم مؤمنون بها عاملون بمقتضاها; واستدل على صحة هذا القول بأن الله تعالى قال في الآية التي قبل هذه:
والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق وأتبعه بقوله:
ثم أورثنا الكتاب فعلمنا أنهم أمة
محمد، إذ كان معنى الميراث: انتقال شيء من قوم، إلى قوم ولم تكن أمة على عهد نبينا انتقل إليهم كتاب من قوم كانوا قبلهم غير أمته . فإن قلنا: هم الأنبياء وأتباعهم، كان المعنى: أورثنا كل كتاب أنزل على نبي ذلك النبي وأتباعه .
والقول الثاني: أن المراد بالكتاب القرآن .
وفي معنى
أورثنا قولان .
أحدهما: أعطينا، لأن الميراث
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
والثاني: أخرنا، ومنه الميراث، لأنه تأخر عن الميت فالمعنى: أخرنا القرآن عن الأمم السالفة وأعطيناه هذه الأمة، إكراما لها، ذكره بعض أهل المعاني .
قوله تعالى:
فمنهم ظالم لنفسه فيه أربعة أقوال .
[ ص: 489 ] أحدها: أنه صاحب الصغائر; روى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " سابقنا سابق، ومقتصدنا ناج، وظالمنا مغفور له " . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري nindex.php?page=hadith&LINKID=665519عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الآية، قال: " كلهم في الجنة " .
والثاني: أنه الذي مات على كبيرة ولم يتب منها، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثالث : أنه الكافر، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم . فعلى هذا يكون الاصطفاء لجملة من أنزل عليه الكتاب، كما قال:
وإنه لذكر لك ولقومك [الزخرف: 44] أي: لشرف لكم، وكم من مكرم لم يقبل الكرامة!
والرابع : أنه المنافق: حكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن . وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن أنه
[ ص: 490 ] قال: الظالم: الذي ترجح سيئاته على حسناته، والمقتصد: الذي قد استوت حسناته وسيئاته، والسابق: من رجحت حسناته . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان أنه تلا هذه الآية، فقال: سابقنا أهل جهادنا، ومقتصدنا أهل حضرنا، وظالمنا أهل بدونا .
قوله تعالى:
ومنهم سابق وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11904أبو المتوكل، والجحدري، وابن السميفع: " سباق " مثل: فعال
بالخيرات أي: بالأعمال الصالحة إلى الجنة، أو إلى الرحمة
بإذن الله أي: بإرادته وأمره
ذلك هو الفضل الكبير يعني إيراثهم الكتاب .
ثم أخبر بثوابهم، فجمعهم في دخول الجنة فقال:
جنات عدن يدخلونها قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو وحده: " يدخلونها " بضم الياء; وفتحها الباقون وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع، nindex.php?page=showalam&ids=11948وأبو بكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم: (ولؤلؤا) بالنصب . وروى
[ ص: 491 ] أبو بكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم أنه كان يهمز الواو الثانية ولا يهمز الأولى; وفي رواية أخرى أنه كان يهمز الأولى ولا يهمز الثانية . والآية مفسرة في سورة (الحج: 23) . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16850كعب: تحاكت مناكبهم ورب
الكعبة، ثم أعطوا الفضل بأعمالهم .