يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون . ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون . وإن كل لما جميع لدينا محضرون . وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا فمنه يأكلون . وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب وفجرنا فيها من العيون . ليأكلوا من ثمره وما عملته أيديهم أفلا يشكرون . سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون .
[ ص: 15 ] قوله تعالى:
يا حسرة على العباد قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: المعنى: يالها حسرة على العباد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : الحسرة أن يركب الإنسان من شدة الندم ما لا نهاية له حتى يبقى قلبه حسيرا . وفي المتحسر على العباد قولان .
أحدهما: أنهم يتحسرون على أنفسهم، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج: استهزاؤهم بالرسل كان حسرة عليهم في الآخرة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية: لما عاينوا العذاب، قالوا: يا حسرتنا على المرسلين، كيف لنا بهم الآن حتى نؤمن .
والثاني: أنه تحسر الملائكة على العباد في تكذيبهم الرسل، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك .
ثم خوف كفار
مكة فقال:
ألم يروا أي: ألم يعلموا
كم أهلكنا قبلهم من القرون فيعتبروا ويخافوا أن نعجل لهم الهلاك كما عجل لمن أهلك قبلهم ولم يرجعوا إلى الدنيا؟! . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: وألف "أنهم" مفتوحة، لأن المعنى: ألم يروا أنهم إليهم لا يرجعون وقد كسرها
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن، كأنه لم يوقع الرؤية على "كم"، فلم يقعها على "أن"، وإن استأنفتها كسرتها .
قوله تعالى:
وإن كل لما وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم، nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر، nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة: "لما" بالتشديد،
جميع لدينا محضرون أي: إن الأمم يحضرون يوم القيامة، فيجازون بأعمالهم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : من قرأ "لما" بالتخفيف، فـ "ما" زائدة مؤكدة، والمعنى: وإن كلا لجميع، ومعناه: وما كل إلا جميع لدينا محضرون . ومن قرأ "لما" بالتشديد، فهو بمعنى "إلا"، تقول: "سألتك لما فعلت" و "إلا فعلت"0
[ ص: 16 ] وآية لهم الأرض الميتة وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع: "الميتة" بالتشديد، وهو الأصل، والتخفيف أكثر، وكلاهما جائز; و "آية" مرفوعة بالابتداء، وخبرها "لهم"، ويجوز أن يكون خبرها "الأرض الميتة"; والمعنى: وعلامة تدلهم على التوحيد وأن الله يبعث الموتى أحياء الأرض الميتة .
قوله تعالى:
فمنه يأكلون يعني ما يقتات من الحبوب .
قوله تعالى:
وجعلنا فيها وقوله:
وفجرنا فيها يعني في الأرض .
قوله تعالى:
ليأكلوا من ثمره يعني النخيل، وهو في اللفظ مذكر .
وما عملته أيديهم قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير، nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع، nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر، وحفص عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم: "عملته" بهاء . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي، nindex.php?page=showalam&ids=11948وأبو بكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم: "عملت" بغير هاء . والهاء مثبتة في مصاحف
مكة والمدينة والشام والبصرة، ومحذوفة من مصاحف أهل
الكوفة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : موضع "ما" خفض; والمعنى: ليأكلوا من ثمره ومما عملته أيديهم; ويجوز أن يكون "ما" نفيا; المعنى: ولم تعمله أيديهم، وهذا على قراءة من أثبت الهاء، فإذا حذفت الهاء، فالاختيار أن تكون "ما" في موضع خفض، وتكون بمعنى "الذي" فيحسن حذف الهاء; وكذلك ذكر المفسرون القولين، فمن قال بالأول، قال: ليأكلوا مما عملت أيديهم، وهو الغروس والحروث التي تعبوا فيها، ومن قال بالثاني، قال: ليأكلوا ما ليس من صنعهم، ولكنه من فعل الحق عز وجل
أفلا يشكرون الله تعالى فيوحدوه؟! .
ثم نزه نفسه بقوله:
سبحان الذي خلق الأزواج كلها يعني الأجناس كلها
مما تنبت الأرض من الفواكه والحبوب وغير ذلك .
[ ص: 17 ] ومن أنفسهم وهم الذكور والإناث
ومما لا يعلمون من دواب البر والبحر وغير ذلك مما لم يقفوا على علمه .