وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون . وخلقنا لهم من مثله ما يركبون . وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون . إلا رحمة منا ومتاعا إلى حين . وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون . وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين .
قوله تعالى:
وآية لهم أنا حملنا ذريتهم قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع، nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر: "ذرياتهم" على الجمع; وقرأ الباقون من السبعة: "ذريتهم" على التوحيد . قال المفسرون: أراد: في سفينة
نوح، فنسب الذرية إلى المخاطبين لأنهم من جنسهم، كأنه قال: ذرية الناس . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: أي: ذرية من هو منهم، فجعلها ذرية لهم، وقد سبقتهم . وقال غيره: هو حمل الأنبياء في أصلاب الآباء حين ركبوا السفينة، ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=18العباس: بل نطفة تركب السفين وقد ألجم نسرا وأهله الغرق
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12053المفضل بن سلمة: الذرية: النسل، لأنهم من ذرأهم الله منهم، والذرية
[ ص: 22 ] أيضا: الآباء، لأن الذر وقع منهم، فهو من الأضداد، ومنه هذه الآية، وقد شرحنا هذا في قوله:
ذرية بعضها من بعض [آل عمران: 34]; والمشحون: المملوء .
قوله تعالى:
وخلقنا لهم من مثله فيه قولان .
أحدهما: مثل سفينة
نوح، وهي السفن، روى هذا المعنى
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك، وأبو مالك، nindex.php?page=showalam&ids=12045وأبو صالح، والمراد بهذا ذكر منته بأن خلق الخشب الذي تعمل منه السفن .
والثاني: أنها الإبل، خلقها لهم للركوب في البر مثل السفن المركوبة في البحر، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14836العوفي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة كالقولين .
قوله تعالى:
فلا صريخ لهم أي: لا مغيث ولا مجير
ولا هم ينقذون أي: ينجون من الغرق، يقال: أنقذه واستنقذه: إذا خلصه من المكروه
إلا رحمة منا المعنى: إلا أن نرحمهم ونمتعهم إلى آجالهم .
قوله تعالى:
وإذا قيل لهم يعني الكفار
اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم فيه أربعة أقوال .
أحدها: "ما بين أيديكم": ما مضى من الذنوب، "وما خلفكم": ما يأتي من الذنوب، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . [ ص: 23 ] والثاني: ["ما بين أيدكم"] ما تقدم من عذاب الله للأمم، "وما خلفكم" من أمر الساعة، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
والثالث: "ما بين أيديكم" من الدنيا، "وما خلفكم" من عذاب الآخرة . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان .
والرابع: "ما بين أيديكم" من أمر الآخرة، "وما خلفكم" من أمر الدنيا فلا تغتروا بها، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=15097والكلبي . لعلكم ترحمون أي: لتكونوا على رجاء الرحمة من الله . وجواب "إذا" محذوف، تقديره: إذا قيل لهم هذا، أعرضوا; ويدل على هذا المحذوف قوله:
وما تأتيهم من آية أي: من دلالة تدل على صدق الرسول .