اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون . ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فاستبقوا الصراط فأنى يبصرون . ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون . ومن نعمره ننكسه في الخلق أفلا يعقلون .
قوله تعالى:
اليوم نختم على أفواههم وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11904أبو المتوكل، nindex.php?page=showalam&ids=11838وأبو الجوزاء: "يختم" بياء مضمومة وفتح التاء "وتكلمنا" قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود: "ولتكلمنا" بزيادة لام مكسورة وفتح الميم وواو قبل اللام . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب ،
nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة: "لتكلمنا" بلام مكسورة من غير واو قبلها وبنصب الميم; وقرؤوا جميعا: "ولتشهد أرجلهم" بلام مكسورة وبنصب الدال .
ومعنى "نختم": نطبع عليها، وقيل: منعها من الكلام هو الختم عليها، وفي سبب ذلك أربعة أقوال .
أحدها: أنهم لما قالوا:
والله ربنا ما كنا مشركين [الأنعام: 23] ختم الله على أفواههم ونطقت جوارحهم، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري .
والثاني: ليعلموا أن أعضاءهم التي كانت أعوانا لهم على المعاصي صارت شهودا [عليهم] .
[ ص: 32 ] والثالث: ليعرفهم أهل الموقف، فيتميزوا منهم بذلك .
والرابع: لأن إقرار الجوارح أبلغ في الإقرار من نطق اللسان، ذكرهن
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي .
فإن قيل: ما الحكمة في تسمية نطق اليد كلاما ونطق الرجل شهادة؟
فالجواب: أن اليد كانت مباشرة والرجل حاضرة، وقول الحاضر على غيره شهادة بما رأى، وقول الفاعل على نفسه إقرار بما فعل .
قوله تعالى:
ولو نشاء لطمسنا على أعينهم فيه ثلاثة أقوال .
أحدها: ولو نشاء لأذهبنا أعينهم حتى لا يبدو لها شق ولا جفن .
والمطموس: الذي لا يكون بين جفنيه شق،
فاستبقوا الصراط أي: فتبادروا إلى الطريق
فأنى يبصرون [أي]: فكيف يبصرون وقد أعمينا أعينهم؟! وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق، nindex.php?page=showalam&ids=16561وعروة بن الزبير، nindex.php?page=showalam&ids=12004وأبو رجاء: "فاستبقوا" بكسر الباء "فأنى تبصرون" بالتاء . وهذا تهديد لأهل
مكة، وهو قول الأكثرين .
والثاني: ولو نشاء لأضللناهم وأعميناهم عن الهدى، فأنى يبصرون الحق؟! رواه
ابن أبي طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثالث: ولو نشاء لفقأنا أعين ضلالتهم وأعميناهم عن غيهم وحولنا أبصارهم من الضلالة إلى الهدى فأبصروا رشدهم، فأنى يبصرون ولم أفعل ذلك بهم؟! روي عن جماعة منهم
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل .
قوله تعالى:
ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم وروى
أبو بكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم: "على مكاناتهم"; وقد سبق بيان هذا [البقرة: 65] .
[ ص: 33 ] وفي المراد بقوله:
"لمسخناهم" أربعة أقوال أحدها: لأهلكناهم، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . والثاني: لأقعدناهم على أرجلهم، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة . والثالث: لجعلناهم حجارة، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح، nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل . والرابع: لجعلناهم قردة وخنازير لا أرواح فيها، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15097ابن السائب .
وفي قوله:
فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون ثلاثة أقوال . أحدها: فما استطاعوا أن يتقدموا ولا أن يتأخروا، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة . والثاني: فما استطاعوا مضيا عن العذاب، ولا رجوعا إلى الخلقة الأولى بعد المسخ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك . والثالث: مضيا من الدنيا ولا رجوعا إليها، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
قوله تعالى:
ومن نعمره ننكسه في الخلق قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة: "ننكسه" مشددة مع ضم النون الأولى وفتح الثانية; والباقون: بفتح النون الأولى وتسكين الثانية من غير تشديد; وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم كالقراءتين . ومعنى الكلام: من نطل عمره ننكس خلقه، فنجعل مكان القوة الضعف، وبدل الشباب الهرم، فنرده إلى أرذل العمر .
أفلا يعقلون قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع، nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو : "أفلا تعقلون" بالتاء، والباقون بالياء . والمعنى: أفلا يعقلون أن من فعل هذا قادر على البعث؟!