وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب . أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب . وانطلق الملأ منهم أن امشوا واصبروا على آلهتكم إن هذا لشيء يراد . ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق . أأنزل عليه الذكر من بيننا بل هم في شك من ذكري بل لما يذوقوا عذاب . أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب . أم لهم ملك السماوات والأرض وما بينهما فليرتقوا في الأسباب . جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب .
قوله تعالى:
وعجبوا يعني الكفار
أن جاءهم منذر منهم يعني رسولا من أنفسهم ينذرهم النار .
أجعل الآلهة إلها واحدا لأنه دعاهم إلى الله وحده وأبطل عبادة آلهتهم; وهذا قولهم لما اجتمعوا عند
أبي طالب، وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "أتعطوني كلمة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم، وهي "لا إله إلا الله"، فقاموا يقولون: "أجعل الآلهة إلها واحدا"، ونزلت هذه الآية فيهم .
إن هذا [الذي] يقول
محمد من أن الآلهة إلها واحدا
لشيء عجاب أي: لأمر عجب . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12067أبو عبد الرحمن السلمي، nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية، nindex.php?page=showalam&ids=17344وابن يعمر، وابن السميفع: [ ص: 103 ] "عجاب" بتشديد الجيم . قال اللغويون: العجاب والعجاب والعجيب بمعنى واحد، كما تقول: كبير وكبار وكبار، وكريم وكرام وكرام، وطويل وطوال وطوال; وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: جاؤوا بصيد عجب من العجب أزيرق العينين طوال الذنب
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: عجب المشركون أن دعي الله وحده، وقالوا: أيسمع لحاجتنا جميعا إله واحد؟!
و قوله تعالى:
وانطلق الملأ منهم قال المفسرون: لما اجتمع أشراف
قريش عند
أبي طالب وشكوا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما سبق بيانه، نفروا من قول: "لا إله إلا الله"، وخرجوا من عند
أبي طالب، فذلك قوله:
"وانطلق الملأ منهم" . الانطلاق: الذهاب بسهولة، ومنه طلاقة الوجه . والملأ: أشراف
قريش . فخرجوا يقول بعضهم لبعض:
امشوا . و " أن " بمعنى "أي"; فالمعنى: أي: امشوا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : ويجوز أن يكون المعنى: انطلقوا بأن امشوا، أي: انطلقوا بهذا القول . وقال بعضهم: المعنى: انطلقوا يقولون: امشوا إلى
أبي طالب فاشكوا إليه ابن أخيه،
واصبروا على آلهتكم أي: اثبتوا على عبادتها
إن هذا الذي نراه من زيادة أصحاب
محمد لشيء يراد أي: لأمر يراد بنا .
ما سمعنا بهذا الذي جاء به
محمد من التوحيد
في الملة الآخرة وفيها ثلاثة أقوال .
أحدها: النصرانية، رواه
ابن أبي طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وإبراهيم بن المهاجر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب القرظي، nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل . [ ص: 104 ] والثاني: أنها ملة
قريش، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16406ابن أبي نجيح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
والثالث: اليهودية والنصرانية، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء، والزجاج; والمعنى أن اليهود أشركت
بعزير، والنصارى قالت: ثالث ثلاثة، فلهذا أنكرت التوحيد .
إن هذا الذي جاء به
محمد صلى الله عليه وسلم
إلا اختلاق أي: كذب .
أأنزل عليه الذكر يعنون القرآن . "عليه" يعنون رسول الله صلى الله عليه وسلم،
من بيننا أي: كيف خص بهذا دوننا وليس بأعلانا نسبا ولا أعظمنا شرفا؟! قال الله تعالى:
بل هم في شك من ذكري أي: من القرآن; والمعنى أنهم ليسوا على يقين مما يقولون، إنما هم شاكون
بل لما قال مقاتل: "لما" بمعنى "لم" كقوله:
ولما يدخل الإيمان في قلوبكم [الحجرات: 14] . وقال غيره: هذا تهديد لهم; والمعنى أنه لو نزل بهم العذاب، علموا أن ما قاله
محمد حق . وأثبت ياء " عذابي " في الحالين
يعقوب .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : ولما دل قولهم:
"أأنزل عليه الذكر" على حسدهم له، أعلم الله عز وجل أن الملك والرسالة إليه، فقال:
أم عندهم خزائن رحمة ربك ؟! قال المفسرون: ومعنى الآية: أبأيديهم مفاتيح النبوة فيضعونها حيث شاؤوا؟! والمعنى: ليست بأيديهم، ولا ملك السموات والأرض لهم، فإن ادعوا شيئا من ذلك
فليرتقوا في الأسباب قال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير: أي في أبواب السماء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : فليصعدوا في الأسباب التي توصلهم إلى السماء .
قوله تعالى:
جند أي: هم جند . والجند: الأتباع; فكأنه قال: هم أتباع مقلدون ليس فيهم عالم راشد . و
ما زائدة، و
هنالك إشارة إلى
بدر . والأحزاب: جميع من تقدمهم من الكفار الذين تحزبوا على
[ ص: 105 ] الأنبياء . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: أخبر الله نبيه وهو
بمكة أنه سيهزم جند المشركين، فجاء تأويلها يوم
بدر .