واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار . إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار . وإنهم عندنا لمن المصطفين الأخيار . واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار . هذا ذكر وإن للمتقين لحسن مآب . جنات عدن مفتحة لهم الأبواب . متكئين فيها يدعون فيها بفاكهة كثيرة وشراب . وعندهم قاصرات الطرف أتراب . هذا ما توعدون ليوم الحساب . إن هذا لرزقنا ما له من نفاد .
[ ص: 146 ] قوله تعالى:
واذكر عبادنا وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد، وحميد، وابن محيصن، nindex.php?page=showalam&ids=16456وابن كثير: "عبدنا"، إشارة إلى
إبراهيم، وجعلوا
إسحاق ويعقوب عطفا عليه، لأنه الأصل وهما ولداه، والمعنى: اذكر صبرهم، فإبراهيم ألقي في النار،
وإسحاق أضجع للذبح،
ويعقوب صبر على ذهاب بصره وابتلي بفقد ولده; ولم يذكر
إسماعيل معهم، لأنه لم يبتل كما ابتلوا .
أولي الأيدي يعني القوة في الطاعة
والأبصار البصائر في الدين والعلم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير: وذكر الأيدي مثل، وذلك لأن باليد البطش، وبالبطش تعرف قوة القوي، فلذلك قيل للقوي: ذو يد; وعنى بالبصر: بصر القلب، وبه تنال معرفة الأشياء . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود، nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش، nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة: "أولي الأيد" بغير ياء في الحالين . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: ولها وجهان . أحدهما: أن يكون القارئ لهذا أراد الأيدي، فحذف الياء، وهو صواب، مثل الجوار والمناد . والثاني: أن يكون من القوة والتأييد، من قوله:
وأيدناه بروح القدس [البقرة: 87] .
قوله تعالى:
إنا أخلصناهم أي: اصطفيناهم وجعلناهم لنا خالصين، فأفردناهم بمفردة من خصال الخير; ثم أبان عنها بقوله:
ذكرى الدار .
وفي المراد بالدار هاهنا قولان . أحدهما: الآخرة . والثاني: الجنة .
وفي الذكرى قولان .
[ ص: 147 ] أحدهما: أنها من الذكر، فعلى هذا يكون المعنى: أخلصناهم بذكر الآخرة، فليس لهم ذكر غيرها، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء، nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=14919الفضيل ابن عياض رحمة الله عليه يقول: هو الخوف الدائم في القلب .
والثاني: أنها التذكير، فالمعنى أنهم يدعون الناس إلى الآخرة وإلى عبادة الله تعالى، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع: "بخالصة ذكرى الدار"، فأضاف "خالصة" إلى "ذكرى الدار" .
قال
أبو علي: تحتمل قراءة من نون وجهين، أحدهما: أن تكون "ذكرى" بدلا من "خالصة"، والتقدير: أخلصناهم بذكر الدار، والثاني: أن يكون المعنى: أخلصناهم بأن يذكروا الدار بالتأهب للآخرة والزهد في الدنيا . ومن أضاف، فالمعنى: أخلصناهم بإخلاصهم ذكرى الدار بالخوف منها . وقال
ابن زيد: أخلصناهم بأفضل ما في الجنة .
قوله تعالى:
وإنهم عندنا لمن المصطفين أي: من الذين اتخذهم الله صفوة فصفاهم من الأدناس
الأخيار الذين اختارهم .
واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل أي: اذكرهم بفضلهم وصبرهم لتسلك طريقهم
واليسع نبي، واسمه أعجمي معرب، وقد ذكرناه في [الأنعام: 85]، وشرحنا في سورة [الأنبياء: 85] قصة ذي الكفل، وتكلمنا في [البقرة: 125] في اسم
إسماعيل، وزعم
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل أن
إسماعيل هذا ليس بابن
إبراهيم . [ ص: 148 ] قوله تعالى:
هذا ذكر أي: شرف وثناء جميل يذكرون به أبدا
وإن للمتقين لحسن مآب أي: حسن مرجع يرجعون إليه في الآخرة .
ثم بين ذلك المرجع، فقال:
جنات عدن مفتحة لهم الأبواب قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: إنما رفعت "الأبواب" لأن المعنى: مفتحة لهم أبوابها،
والعرب تجعل الألف واللام خلفا من الإضافة، فيقولون: مررت على رجل حسن العين، وقبيح الأنف، والمعنى: حسنة عينه، قبيح أنفه، ومنه قوله تعالى:
فإن الجحيم هي المأوى [النازعات: 39] والمعنى: مأواه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : المعنى: مفتحة لهم الأبواب منها، فالألف واللام للتعريف، لا للبدل . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير: والفائدة في ذكر تفتيح الأبواب أن الله عز وجل أخبر عنها أن أبوابها تفتح لهم بغير فتح سكانها لها بيد، ولكن بالأمر، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن: هي أبواب تكلم، فتكلم: انفتحي، انغلقي .
قوله تعالى:
وعندهم قاصرات الطرف قد مضى بيانه في [الصافات: 48] .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : والأتراب: اللواتي أسنانهن واحدة وهن في غاية الشباب والحسن .
قوله تعالى:
هذا ما توعدون قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو، nindex.php?page=showalam&ids=16456وابن كثير بالياء، والباقون بالتاء .
قوله تعالى:
ليوم الحساب اللام بمعنى "في" . والنفاد: الانقطاع . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي: كلما أخذ من رزق الجنة شيء، عاد مثله .