ولقد آتينا موسى الهدى وأورثنا بني إسرائيل الكتاب . هدى وذكرى لأولي الألباب . فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار . إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه فاستعذ بالله إنه هو السميع البصير . لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون . وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلا ما تتذكرون . إن الساعة لآتية لا ريب فيها ولكن أكثر الناس لا يؤمنون . وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين . الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه والنهار مبصرا إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون . ذلكم الله ربكم خالق كل شيء لا إله إلا هو [ ص: 232 ] فأنى تؤفكون . كذلك يؤفك الذين كانوا بآيات الله يجحدون . الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين . هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين . قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله لما جاءني البينات من ربي وأمرت أن أسلم لرب العالمين . هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ومنكم من يتوفى من قبل ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون . هو الذي يحيي ويميت فإذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون .
ولقد آتينا موسى الهدى من الضلالة، يعني التوراة
وأورثنا بني إسرائيل الكتاب بعد
موسى، وهو التوراة أيضا في قول الأكثرين; وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15097ابن السائب: التوراة والإنجيل والزبور . والذكرى بمعنى التذكير .
فاصبر على أذاهم
إن وعد الله حق في نصرك، وهذه الآية في هذه السورة في موضعين [غافر: 55، 77]، وقد ذكروا أنها منسوخة بآية السيف . ومعنى "سبح": صل .
وفي المراد بصلاة العشي والإبكار ثلاثة أقوال .
أحدها: أنها الصلوات الخمس، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . [ ص: 233 ] والثاني: صلاة الغداة وصلاة العصر، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
والثالث: أنها صلاة كانت قبل أن تفرض الصلوات، ركعتان غدوة، وركعتان عشية، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن .
وما بعد هذا قد تقدم آنفا [المؤمن: 4] إلى قوله:
إن في صدورهم إلا كبر . . . الآية نزلت في
قريش; والمعنى: ما يحملهم على تكذيبك إلا ما في صدورهم من التكبر عليك، وما هم ببالغي مقتضى ذلك الكبر، لأن الله تعالى مذلهم،
فاستعذ بالله من شرهم; ثم نبه على قدرته بقوله:
لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس أي: من إعادتهم،
[ ص: 234 ] وذلك لكثرة أجزائها وعظم جرمها، فنبههم على قدرته على إعادة الخلق
ولكن أكثر الناس لا يعلمون يعني الكفار حين لا يستدلون بذلك على التوحيد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل: عظمت اليهود
الدجال وقالوا: إن صاحبنا يبعث في آخر الزمان وله سلطان، فقال الله:
إن الذين يجادلون في آيات الله لأن
الدجال من آياته،
بغير سلطان أي: [بغير] حجة، فاستعذ بالله من فتنة الدجال، قال: والمراد بـ "خلق الناس":
الدجال; وإلى نحو هذا ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية، والأول أصح .
وما بعد هذا ظاهر إلى قوله:
ادعوني أستجب لكم فيه قولان . أحدهما: وحدوني واعبدوني أثبكم، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . والثاني: سلوني أعطكم، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي . إن الذين يستكبرون عن عبادتي فيه قولان . أحدهما: عن توحيدي، والثاني: عن دعائي ومسألتي
سيدخلون جهنم قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير . nindex.php?page=showalam&ids=11948وأبو بكر [ ص: 235 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم، وعباس بن الفضل عن
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو: "سيدخلون" [بضم الياء]، والباقون بفتحها . والداخر: الصاغر .
وما بعد هذا قد سبق في مواضع متقرقة [يونس: 67، القصص: 73، الأنعام: 95، النمل: 61، الأعراف: 54، 29، الحج: 5] إلى قوله:
ولتبلغوا أجلا مسمى وهو أجل الحياة إلى الموت
ولعلكم تعقلون توحيد الله وقدرته .