محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما .
قوله تعالى:
محمد رسول الله وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي، nindex.php?page=showalam&ids=12004وأبو رجاء، nindex.php?page=showalam&ids=11904وأبو المتوكل، والجحدري :
"محمدا رسول الله" بالنصب فيهما . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : شهد له بالرسالة .
قوله تعالى:
والذين معه يعني أصحابه . والأشداء: جمع شديد . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : والأصل: أشدداء، نحو نصيب وأنصباء، ولكن الدالين تحركتا، فأدغمت الأولى في الثانية، [ومثله]
من يرتد منكم [المائدة: 54] .
قوله تعالى:
رحماء بينهم الرحماء جمع رحيم، والمعنى أنهم يغلظون على الكفار، ويتوادون بينهم
تراهم ركعا سجدا يصف كثرة
[ ص: 446 ] صلاتهم
يبتغون فضلا من الله وهو الجنة
ورضوانا وهو رضى الله عنهم . وهذا الوصف لجميع الصحابة عند الجمهور وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16874مبارك بن فضالة عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري أنه قال: "والذين معه"
أبو بكر "أشداء على الكفار"
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر "رحماء بينهم"
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان "تراهم ركعا سجدا"
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب "يبتغون فضلا من الله ورضوانا"
طلحة nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير وعبد الرحمن وسعد وسعيد nindex.php?page=showalam&ids=12078وأبو عبيدة .
قوله تعالى:
سيماهم أي: علامتهم
في وجوههم ، وهل هذه العلامة في الدنيا، أم في الآخرة؟ فيه قولان .
أحدهما: في الدنيا . ثم فيه ثلاثة أقوال .
أحدها: أنها السمت الحسن، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في رواية
ابن أبي طلحة; وقال في رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: أما إنه ليس بالذي ترون، ولكنه سيما الإسلام وسمته وخشوعه، وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: ليس بندب التراب في الوجه، ولكنه الخشوع والوقار والتواضع .
والثاني: أنه ندى الطهور وثرى الأرض، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية: لأنهم يسجدون على التراب لا على الأثواب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي: بلغني أنه ما حملت جباههم من الأرض .
[ ص: 447 ] والثالث: أنه السهوم، فإذا سهم وجه الرجل من الليل أصبح مصفارا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري: "سيماهم في وجوههم": الصفرة; وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير: أثر السهر; وقال
شمر بن عطية: هو تهيج في الوجه من سهر الليل .
والقول الثاني: أنها في الآخرة . ثم فيه قولان .
أحدهما: أن مواضع السجود من وجوههم يكون أشد وجوههم بياضا يوم القيامة، قاله
عطية العوفي، وإلى نحو هذا ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن، nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14836العوفي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال: صلاتهم تبدو في وجوههم يوم القيامة .
والثاني: أنهم يبعثون غرا محجلين من أثر الطهور، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج .
قوله تعالى:
ذلك مثلهم أي: صفتهم; والمعنى أن صفة
محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه
في التوراة هذا .
فأما قوله:
ومثلهم في الإنجيل ففيه ثلاثة أقوال .
[ ص: 448 ] أحدها: أن هذا المثل المذكور أنه في التوراة هو مثلهم في الإنجيل . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: مثلهم في التوراة والإنجيل واحد .
والثاني: أن المتقدم مثلهم في التوراة . فأما مثلهم في الإنجيل فهو قوله:
كزرع ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك، nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد .
والثالث: أن مثلهم في التوراة والإنجيل كزرع، ذكر هذه الأقوال
nindex.php?page=showalam&ids=12033أبو سليمان الدمشقي .
قوله تعالى:
أخرج شطأه وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير، nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر: ["شطأه" بفتح الطاء والهمزة . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع، nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم، nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي: "شطأه" بسكون الطاء . وكلهم يقرأ بهمزة مفتوحة . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب ،
nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية، nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة]: "شطاءه" بفتح الطاء [وبالمد] والهمزة وبألف . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة: أي: فراخه يقال: أشطأ الزرع فهو مشطئ: إذا أفرخ
فآزره أي: ساواه، وصار مثل الأم . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابن عامر: "فأزره" مقصورة الهمزة مثل فعله . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : آزره: أعانه وقواه
فاستغلظ أي: غلظ
فاستوى على سوقه وهي جمع "ساق"، وهذا مثل ضربه الله عز وجل للنبي صلى الله عليه وسلم إذ خرج وحده، فأيده بأصحابه، كما قوى الطاقة من الزرع بما نبت منها حتى كبرت وغلظت واستحكمت . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير: "على سؤقه" مهموزة; والباقون: بلا همزة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: في الإنجيل: سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع .
[ ص: 449 ] وفيمن أريد بهذا المثل قولان .
أحدهما: أن أصل الزرع:
عبد المطلب "أخرج شطأه": أخرج
محمدا صلى الله عليه وسلم
فآزره : بأبي بكر،
فاستغلظ :
بعمر، فاستوى :
بعثمان، على سوقه :
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثاني: أن المراد بالزرع:
محمد صلى الله عليه وسلم "أخرج شطأه"
أبو بكر "فآزره":
بعمر "فاستغلظ":
بعثمان "فاستوى على سوقه": بعلي .
يعجب الزراع : يعني المؤمنين "ليغيظ بهم الكفار" وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر لأهل
مكة: لا يعبد الله سرا بعد اليوم، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، ومبارك عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن .
قوله تعالى:
ليغيظ بهم الكفار أي: إنما كثرهم وقواهم ليغيظ بهم الكفار . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس: من أصبح وفي قلبه غيظ على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد أصابته هذه الآية . وقال
ابن إدريس: لا آمن أن يكونوا قد ضارعوا الكفار، يعني الرافضة، لأن الله تعالى يقول: "ليغيظ بهم الكفار" .
[ ص: 450 ] قوله تعالى:
وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : في "من" قولان .
أحدهما: أن يكون تخليصا للجنس من غيره، كقوله:
فاجتنبوا الرجس من الأوثان [الحج: 30]، ومثله أن تقول: أنفق من الدراهم، أي: اجعل نفقتك من هذا الجنس . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري: معنى الآية: وعد الله الذين آمنوا من هذا الجنس، أي: من جنس الصحابة .
والثاني: أن يكون [هذا] الوعد لمن أقام منهم على الإيمان والعمل الصالح .