[ ص: 45 ] سورة الطور
وهي مكية كلها بإجماعهم
بسم الله الرحمن الرحيم
والطور وكتاب مسطور في رق منشور والبيت المعمور والسقف المرفوع والبحر المسجور إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع يوم تمور السماء مورا وتسير الجبال سيرا فويل يومئذ للمكذبين الذين هم في خوض يلعبون يوم يدعون إلى نار جهنم دعا هذه النار التي كنتم بها تكذبون أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون
قوله تعالى
والطور هذا قسم بالجبل الذي كلم الله عز وجل عليه
موسى عليه السلام، وهو بأرض
مدين [واسمه
زبير] . وكتاب مسطور أي: مكتوب، وفيه أربعة أقوال .
أحدها: أنه اللوح المحفوظ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . [ ص: 46 ] والثاني: كتب أعمال بني
آدم، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل، nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج .
والثالث: التوراة .
والرابع: "القرآن" حكاهما
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي . قوله تعالى
في رق قال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة: الرق: الورق . فأما المنشور فهو المبسوط .
قوله تعالى:
والبيت المعمور فيه قولان .
أحدهما: أنه بيت في السماء . وفي أي سماء هو؟ [فيه] ثلاثة أقوال .
أحدها:
nindex.php?page=hadith&LINKID=652968 [أنه] في السماء السابعة، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم . وحديث
مالك بن صعصعة الذي أخرج في "الصحيحين" يدل عليه .
والثاني: أنه في السماء السادسة، قاله
علي رضي الله عنه .
[ ص: 47 ] والثالث: أنه في السماء الدنيا، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: هو حيال
الكعبة يحجه كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون فيه حتى تقوم الساعة، يسمى "الضراح" . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس: كان البيت المعمور مكان
الكعبة في زمان
آدم، فلما كان زمن
نوح أمر الناس بحجه، فعصوه، فلما طغى الماء رفع فجعل بحذاء البيت في السماء الدنيا .
والثاني: أنه
البيت الحرام، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة: ومعنى "المعمور": الكثير الغاشية .
قوله تعالى:
والسقف المرفوع فيه قولان .
أحدهما: أنه السماء، قاله
علي رضي الله عنه والجمهور .
والثاني: العرش، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع .
قوله تعالى:
والبحر فيه قولان .
أحدهما: أنه بحر تحت العرش ماؤه غليظ يمطر العباد منه بعد النفخة الأولى أربعين صباحا فينبتون في قبورهم، قاله
علي رضي الله عنه .
والثاني: أنه بحر الأرض، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي .
وفي
"المسجور" أربعة أقوال .
أحدها: المملوء، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن، nindex.php?page=showalam&ids=12045وأبو صالح، وابن السائب، وجميع اللغويين .
[ ص: 48 ] والثاني: أنه الموقد، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد . وقال
شمر بن عطية: هو بمنزلة التنور المسجور .
والثالث: أنه اليابس الذي قد ذهب ماؤه ونضب، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن قال: تسجر، يعني البحار، حتى يذهب ماؤها، فلا يبقى فيها قطرة . وقول هذين يرجع إلى معنى قول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . وقد نقل في الحديث
أن الله تعالى يجعل البحار كلها نارا، فتزاد في نار جهنم .
والرابع: أن
"المسجور" المختلط عذبه بملحه، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس .
فأقسم الله تعالى بهذه الأشياء للتنبيه على ما فيها من عظيم قدرته على أن تعذيب المشركين حق، فقال:
إن عذاب ربك لواقع أي: لكائن في الآخرة .
ثم بين متى يقع، فقال:
يوم تمور السماء مورا وفيه ثلاثة أقوال .
أحدها: تدور دورا، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، وهو اختيار
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء nindex.php?page=showalam&ids=13436وابن قتيبة nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج .
والثاني: تحرك تحركا، رواه
ابن أبي طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة "تمور" أي: تكفأ وقال
الأعشى: كأن مشيتها من بيت جارتها مور السحابة لا ريث ولا عجل
والثالث: يموج بعضها في بعض لأمر الله تعالى، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك . وما بعد هذا قد سبق بيانه [النمل: 88] إلى قوله:
الذين هم في خوض يلعبون [ ص: 49 ] أي: يخوضون في حديث
محمد صلى الله عليه وسلم بالتكذيب والاستهزاء، ويلهون بذكره، فالويل لهم .
و
يوم يدعون قال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة: أي: يدفعون، يقال: دععته أدعه، أي: دفعته، ومنه قوله
يدع اليتيم [الماعون: 2] . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: يدفع في أعناقهم حتى يردوا النار . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل: تغل أيديهم إلى أعناقهم وتجمع نواصيهم إلى أقدامهم، ثم يدفعون إلى جهنم على وجوههم، حتى إذا دنوا منها قالت لهم خزنتها:
هذه النار التي كنتم بها تكذبون في الدنيا
أفسحر هذا العذاب الذي ترون؟ فإنكم زعمتم أن الرسل سحرة
أم أنتم لا تبصرون النار؟ فلما ألقوا فيها قال لهم خزنتها:
اصلوها . وقال غيره: لما نسبوا
محمدا صلى الله عليه وسلم إلى أنه ساحر يغطي على الأبصار بالسحر، وبخوا عند رؤية النار بهذا التوبيخ، وقيل:
اصلوها أي: قاسوا شدتها
فاصبروا على العذاب
أو لا تصبروا سواء عليكم الصبر والجزع
إنما تجزون جزاء
ما كنتم تعملون من الكفر والتكذيب .