فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنت نعيم وأما إن [ ص: 155 ] كان من أصحاب اليمين فسلام لك من أصحاب اليمين وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم إن هذا لهو حق اليقين فسبح باسم ربك العظيم
قوله تعالى:
فلولا أي: فهلا
"إذا بلغت الحلقوم" يعني: النفس، فترك ذكرها لدلالة الكلام، وأنشدوا من ذلك:
إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
قوله تعالى:
وأنتم يعني أهل الميت "تنظرون" إلى سلطان الله وأمره . والثاني: تنظرون إلى الإنسان في تلك الحالة، ولا تملكون له شيئا
"ونحن أقرب إليه منكم" فيه قولان .
أحدهما:
ملك الموت أدنى إليه من أهله "ولكن لا تبصرون" الملائكة، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثاني: ونحن أقرب إليه منكم بالعلم والقدرة والرؤية
ولكن لا تبصرون أي: لا تعلمون، والخطاب للكفار، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15466الواحدي .
قوله تعالى:
غير مدينين فيه خمسة أقوال .
أحدها: محاسبين، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن، nindex.php?page=showalam&ids=15992وابن جبير، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء، nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة . والثاني: موقنين، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . والثالث:
[ ص: 156 ] مبعوثين، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة . والرابع: مجزيين . ومنه يقال: دنته، وكما تدين تدان، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة . والخامس: مملوكين أذلاء من قولك: دنت له بالطاعة، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة .
قوله تعالى:
ترجعونها أي: تردون النفس . والمعنى: إن جحدتم الإله الذي يحاسبكم ويجازيكم، فهلا تردون هذه النفس؟! فإذا لم يمكنكم ذلك، فاعلموا أن الأمر لغيركم .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: وقوله تعالى:
ترجعونها هو جواب لقوله تعالى:
فلولا إذا بلغت الحلقوم ولقوله تعالى:
فلولا إن كنتم غير مدينين فإنهما أجيبتا بجواب واحد . ومثله قوله تعالى:
فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم [البقرة: 38] ثم ذكر طبقات الخلق عند الموت فقال تعالى:
فأما إن كان يعني: الذي بلغت نفسه الحلقوم من "المقربين" عند الله . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية: هم السابقون
"فروح" أي: فله روح . والجمهور يفتحون الراء . وفي معناها ستة أقوال .
أحدها: الفرح، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . والثاني: الراحة، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=86أبو طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . والثالث: المغفرة والرحمة، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14836العوفي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . والرابع: الجنة، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . والخامس: روح من الغم الذي كانوا فيه، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14980محمد بن كعب . والسادس: روح في القبر، أي: طيب نسيم، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق، وأبو رزين، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن، nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة، [ ص: 157 ] nindex.php?page=showalam&ids=17344وابن يعمر، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة، ورويس عن
يعقوب، وابن أبي سريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي: "فروح" برفع الراء . وفي معنى هذه القراءة قولان .
أحدهما: أن معناها: فرحمة، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
والثاني: فحياة وبقاء، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: معناه: فحياة دائمة لا موت معها . وفي "الريحان" أربعة أقوال .
أحدها: أنه الرزق، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثاني: أنه المستراح، رواه
ابن أبي طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثالث: أنه الجنة، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة .
والرابع: أنه الريحان المشموم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية: لا يخرج أحد من
[ ص: 158 ] المقربين من الدنيا حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة، فيشمه، ثم تقبض فيه روحه، وإلى نحو هذا ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12107أبو عمران الجوني: بلغنا أن المؤمن إذا قبض روحه تلقى بضبائر الريحان من الجنة، فتجعل روحه فيه .
قوله تعالى:
فسلام لك من أصحاب اليمين فيه ثلاثة أقوال .
أحدها: فسلامة لك من العذاب، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثاني: تسلم عليه الملائكة، وتخبره أنه من أصحاب اليمين، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء . والثالث: أن المعنى: أنك ترى فيهم ما تحب من السلامة . وقد علمت ما أعد لهم من الجزاء، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج .
قوله تعالى:
وأما إن كان من المكذبين أي: بالبعث "الضالين" عن الهدى
"فنزل" وقد بيناه في هذه السورة [الواقعة: 56] .
قوله تعالى:
إن هذا يعني: ما ذكر في هذه السورة
لهو حق اليقين أي: هو اليقين حقا، فأضافه إلى نفسه، كقولك: صلاة الأولى، وصلاة العصر، ومثله:
ولدار الآخرة [يوسف: 109] وقد سبق هذا المعنى وقال قوم: معناه: وإنه للمتقين حقا . وقيل للحق: اليقين .
[ ص: 159 ] قوله تعالى:
فسبح باسم ربك قد ذكرناه في هذه السورة [الواقعة: 74] .