وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون [ ص: 189 ] قوله تعالى:
وإذا سألك عبادي عني .
في سبب نزولها خمسة أقوال .
أحدها:
أن أعرابيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: أقريب ربنا فنناجيه ، أم بعيد فنناديه؟ فنزلت هذه الآية ، رواه
الصلت بن حكيم عن أبيه عن جده .
والثاني:
أن يهود المدينة قالوا: يا محمد! كيف يسمع ربنا دعاءنا ، وأنت تتزعم أن بيننا وبين السماء مسيرة خمسمائة عام؟! فنزلت هذه الآية ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثالث:
أنهم قالوا: يا رسول الله! لو نعلم أية ساعة أحب إلى الله أن ندعو فيها دعوانا ، فنزلت هذه الآية ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء .
والرابع: أن أصحاب النبي قالوا له: أين الله؟ فنزلت هذه الآية ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن .
والخامس: أنه لما حرم في الصوم الأول على المسلمين بعد النوم الأكل والجماع; أكل رجل منهم بعد أن نام ، ووطئ رجل بعد أن نام ، فسألوا: كيف التوبة مما عملوا؟ فنزلت هذه الآية ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل . ومعنى الكلام: إذا سألوك عني; فأعلمهم أني قريب .
وفي معنى "أجيب" قولان . أحدهما: أسمع ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء ، وابن القاسم . والثاني: أنه من الإجابة
(فليستجيبوا لي) أي: فليجيبوني . قال الشاعر:
وداع دعا يا من يجيب إلى الندى فلم يستجبه عند ذاك مجيب
أراد: فلم يجبه . وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبي عبيدة ، nindex.php?page=showalam&ids=13436وابن قتيبة ، nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج . (لعلهم يرشدون) قال
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية: يعني: يهتدون .
فصل
إن قال قائل: هذه الآية تدل على أن الله تعلى يجيب أدعية الداعين ، وترى كثيرا من الداعين لا يستجاب لهم!
[ ص: 190 ] فالجواب: أن
أبا سعيد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال:
"ما من مسلم دعا الله تعالى بدعوة ليس فيها قطيعة رحم ولا إثم; إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال: إما أن يعجل دعوته ، وإما أن يدخرها له في الآخرة ، وإما أن يدفع عنه من السوء مثلها" .
وجواب آخر: وهو أن
الدعاء تفتقر إجابته إلى شروط أصلها الطاعة لله ، ومنها أكل الحلال ، فإن أكل الحرام يمنع إجابة الدعاء ، ومنها حضور القلب ، ففي بعض الحديث:
"يقبل الله دعاء من قلب غافل لاه" .
وجواب آخر: وهو أن الداعي قد يعتقد المصلحة في إجابته إلى ما سأل ، وقد لا تكون المصلحة في ذلك ، فيجاب إلى مقصوده الأصلي ، وهو طلب المصلحة ، وقد تكون المصلحة في التأخير أو في المنع .