يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون .
قوله تعالى:
يسألونك عن الأهلة .
هذه الآية من أولها إلى قوله:
"والحج" نزلت على سبب ، وهو
أن رجلين من الصحابة قالا: يا رسول الله! ما بال الهلال يبدو دقيقا ، ثم يزيد ويمتلئ حتى يستدير ويستوي ، ثم لا يزال ينقص ويدق حتى يعود كما كان؟ فنزلت: يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
ومن قوله تعالى:
وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها إلى آخرها ، يدل على سبب آخر ، وهو أنهم كانوا إذا حجوا ، ثم قدموا
المدينة ، لم يدخلوا من باب ، ويأتون البيوت من ظهورها ، فنسي رجل ، فدخل من باب ، فنزلت:
وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب .
وفيما كانوا لا يدخلون البيوت من أبوابها لأجله أربعة أقوال . أحدها: أنهم كانوا يفعلون ذلك لأجل الإحرام ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية ، nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، وقيس النهشلي . والثاني: لأجل دخول الشهر الحرام ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=48البراء بن عازب . والثالث: أن أهل الجاهلية كانوا إذا هم أحدهم بالشيء فاحتبس عنه; لم يأت بيته من بابه حتى يأتي الذي كان
[ ص: 196 ] هم به ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن . والرابع: أن أهل
المدينة كانوا إذا رجعوا من عيدهم فعلوا ذلك ، رواه
عثمان بن عطاء عن أبيه .
فأما التفسير; فإنما سألوه عن وجه الحكمة في زيادة الأهلة ونقصانها ، فأخبرهم أنها مقادير لما يحتاج الناس إليه في صومهم وحجهم وغير ذلك . والأهلة: جمع هلال . وكم يبقى الهلال على هذه التسمية؟ فيه
للعرب أربعة أقوال . أحدها: أنه يسمى هلالا لليلتين من الشهر . والثاني: لثلاث ليال ، ثم يسمى: قمرا . والثالث: إلى أن يحجر ، وتحجيره: أن يسير بخطة دقيقة ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي . والرابع: إلى أن يبهر ضوؤه سواد الليل . حكى هذه الأقوال
ابن السري ، واختار الأول ، قال: واشتقاق الهلال من قولهم: استهل الصبي: إذا بكى حين يولد . وأهل القوم بالحج: إذا رفعوا أصواتهم بالتلبية ، فسمي هلالا ، لأنه حين يرى يهل الناس بذكره .
قوله تعالى:
ولكن البر من اتقى مثل قوله تعالى:
ولكن البر من آمن بالله وقد سبق بيانه ، واختلف القراء في البيوت وما أشبهها ، فقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ، nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر ، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي بكسر باء "البيوت" وعين "العيون" وغين "الغيوب" وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع أنه ضم باء "البيوت" وعين "العيون" وغين "الغيوب" وجيم "الجيوب" وشين "الشيوخ" وروى عنه قالون أنه كسر باء "البيوت" وقرأ
أبو عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=11962وأبو جعفر بضم الأحرف الخمسة ، وكسرهن جميعا
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة ، واختلف عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: من ضم "البيوت" فعلى أصل الجمع: بيت وبيوت ، مثل: قلب وقلوب ، وفلس وفلوس . ومن كسر ، فإنما كسر للياء التي بعد الباء ، وذلك عند البصريين رديء ، لأنه ليس في الكلام فعول بكسر الفاء . وسمعت شيخنا
أبا منصور اللغوي يقول: إذا كان الجمع على فعول ، وثانيه ياء; جاز فيه الضم والكسر ، تقول: بيوت وبيوت ، وشيوخ وشيوخ ، وقيود وقيود .