واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين .
قوله تعالى:
واقتلوهم حيث ثقفتموهم .
أي: وجدتموهم يقال: ثقفته أثقفه: إذا وجدته . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى: قوله تعالى:
واقتلوهم حيث ثقفتموهم عام في جميع المشركين ، إلا من كان
بمكة ، فإنهم أمروا بإخراجهم منها ، إلا من قاتلهم ، فإنهم أمروا بقتالهم ، يدل على ذلك قوله في نسق الآية:
ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه وكانوا قد آذوا المسلمين
بمكة حتى اضطروهم إلى الخروج ، فكأنهم أخرجوهم . أما الفتنة ، ففيها قولان . أحدهما: أنها الشرك ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة في آخرين . والثاني: أنها ارتداد المؤمن إلى عبادة الأوثان . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . فيكون معنى الكلام على القول الأول: شرك القوم أعظم
[ ص: 199 ] من قتلكم إياهم في
الحرم . وعلى الثاني: ارتداد المؤمن إلى الأوثان أشد عليه من أن يقتل محقا .
قوله تعالى: (ولا تقاتلوهم) قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ، nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع ، nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ، nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم :
ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة ، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ، nindex.php?page=showalam&ids=15833وخلف: ولا تقتلوهم حتى يقتلوكم فإن قتلوكم بحذف الألف فيهن . وقد اتفق الكل على قوله:
(فاقتلوهم) واحتج من قرأ بالألف بقوله:
وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة واحتج من حذف الألف بقوله: (فاقتلوهم) .
فصل
واختلف العلماء في قوله:
ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه
: هل هو منسوخ أم لا؟ فذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد في جماعة من الفقهاء إلى أنه محكم ، وأنه لا يقاتل فيه إلا من قاتل ، ويدل على ذلك الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم ،
أنه خطب يوم فتح مكة ، فقال: "يا أيها الناس! إن الله حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض ، ولم تحل لأحد قبلي ، ولا تحل لأحد بعدي . وإنما أحلت لي ساعة من النهار ، ثم عادت حراما إلى يوم القيامة" فبين صلى الله عليه وسلم أنه خص في تلك الساعة بالإباحة على سبيل التخصيص ، لا على وجه النسخ ، فثبت بذلك خطر القتال في
الحرم ، إلا أن يقاتلوا فيدفعون دفعا ، وهذا أمر مستمر ، والحكم غير منسوخ ، وقد ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة إلى أنه منسوخ بقوله تعالى:
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم [ التوبة: 5 ] . فأمر بقتالهم في الحل والحرم وعلى كل حال . وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس ، nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد . إلى أنه منسوخ بقوله تعالى:
وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة وزعم
[ ص: 200 ] nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل أنه منسوخ بقوله تعالى:
واقتلوهم حيث ثقفتموهم [ البقرة: 191 ] . والقول الأول أصح .
قوله تعالى:
فإن قاتلوكم فاقتلوهم قال
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل: أي: فقاتلوهم .