[ ص: 270 ] سورة الفلق
بسم الله الرحمن الرحيم
قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ومن شر غاسق إذا وقب ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد .
وفيها قولان .
أحدهما: مدنية، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة في آخرين .
والثاني: مكية، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16845كريب عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء، nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة، وجابر . والأول أصح، ويدل عليه
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سحر وهو مع nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة، فنزلت عليه المعوذتان .
فذكر أهل التفسير في نزولهما:
nindex.php?page=hadith&LINKID=655321أن غلاما من اليهود كان يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يزل به اليهود حتى أخذ مشاطة رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعدة أسنان من مشطه، فأعطاها اليهود فسحروه فيها . وكان الذي تولى ذلكلبيد بن أعصم اليهودي . ثم دسها في بئر لبني زريق، يقال لها: بئر ذروان . ويقال: ذي أروان، [ ص: 271 ] فمرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانتشر شعر رأسه، وكان يرى أنه يأتي النساء وما يأتيهن، ويخيل إليه أنه يفعل الشيء، وما يفعله، فبينما هو ذات يوم نائم أتاه ملكان، فقعد أحدهما عند رأسه، والآخر عند رجليه، فقال أحدهما للآخر: ما بال الرجل؟ قال: طب . قال: وما طب؟ قال: سحر . قال: ومن سحره؟ قال: لبيد بن أعصم . قال: وبم طبه؟ قال: بمشط ومشاطة . قال: وأين هو؟ قال في جف طلعة تحت راعوفة في بئر ذروان -والجف: قشر الطلع . والراعوفة: صخرة تترك في أسفل البئر إذا حفرت . فإذا أرادوا تنقية البئر جلس المنقي عليها-، فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة أما شعرت أن الله أخبرني بدائي، ثم بعث nindex.php?page=showalam&ids=8عليا، nindex.php?page=showalam&ids=15والزبير، nindex.php?page=showalam&ids=56وعمار بن ياسر، فنزحوا ماء تلك البئر، ثم رفعوا الصخرة، وأخرجوا الجف، وإذا فيه مشاطة رأسه، وأسنان مشطه، وإذا وتر معقود فيه إحدى عشرة عقدة [مغروزة بالإبرة، فأنزل الله تعالى المعوذتين، فجعل كلما قرأ آية انحلت عقدة] . ووجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خفة حين انحلت العقدة الأخيرة، وجعل جبريل عليه السلام يقول: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك، ومن حاسد وعين، والله يشفيك . فقالوا: يا رسول الله [ ص: 272 ] أفلا نأخذ الخبيث فنقتله؟ فقال: " أما أنا فقد شفاني الله، وأكره أن أثير على الناس شرا .
وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم في " الصحيحين " من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة حديث سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد بينا معنى "
أعوذ " في أول كتابنا .
وفي "
الفلق " ستة أقوال .
أحدها: أنه الصبح، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14836العوفي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة، nindex.php?page=showalam&ids=14980والقرظي، nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد، واللغويون قالوا: ويقال: هذا أبين من فلق الصبح وفرق الصبح .
[ ص: 273 ] والثاني: أنه الخلق، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16619الوالبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك: الفلق: الخلق كله .
والثالث: سجن في جهنم، روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي: جب في جهنم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15097ابن السائب: واد في جهنم .
والرابع: شجرة في النار، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو .
والخامس: أنه كل من انفلق عن شيء كالصبح، والحب، والنوى، وغير ذلك، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: وإذا تأملت الخلق بان لك أن أكثره عن انفلاق، كالأرض بالنبات، والسحاب بالمطر .
والسادس: أنه اسم من أسماء جهنم، قاله
أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد الحبلي .
قوله تعالى:
من شر ما خلق وقرأ
ابن السميفع، nindex.php?page=showalam&ids=17344وابن يعمر: " خلق " بضم الخاء، وكسر اللام . وفيه ثلاثة أقوال .
أحدها: أنه عام، وهو الأظهر .
والثاني: أن شر ما خلق: إبليس وذريته، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن .
والثالث: جهنم، حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي . [ ص: 274 ] وفي " الغاسق " أربعة أقوال .
أحدها: أنه القمر،
روت nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت: نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى القمر، فقال: استعيذي بالله من شره فإنه الغاسق إذا وقب، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13948الترمذي، والنسائي في كتابيهما . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة: ويقال: الغاسق: القمر إذا كسف فاسود . ومعنى " وقب " دخل في الكسوف .
والثاني: أنه النجم، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
والثالث: أنه الليل، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد، nindex.php?page=showalam&ids=14980والقرظي، nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء، nindex.php?page=showalam&ids=12074وأبو عبيد، nindex.php?page=showalam&ids=13436وابن قتيبة، nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج . قال اللغويون: ومعنى "
وقب " دخل في كل شيء فأظلم . و " الغسق " الظلمة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: الغاسق: البارد، فقيل لليل: غاسق، لأنه أبرد من النهار .
والرابع: أنه الثريا إذا سقطت، وكانت الأسقام، والطواعين تكثر عند
[ ص: 275 ] وقوعها، وترتفع عند طلوعها، قاله
ابن زيد .
فأما " النفاثات " فقال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة: هن السواحر ينفثن، أي: يتفلن إذا سحرن، ورقين . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: يتفلن بلا ريق، كأنه نفح . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري: قال اللغويون: تفسير نفث: نفخ نفخا ليس معه ريق، ومعنى تفل: نفخ نفخا معه ريق . قال
ذو الرمة: ومن جوف ماء عرمض الحول فوقه متى يحس منه مائح القوم يتفل
وقد روى
ابن أبي سريج " النافثات " بألف قبل الفاء مع كسر الفاء وتخفيفها .
وقال بعض المفسرين: المراد بالنفاثات هاهنا: بنات
لبيد بن أعصم اليهودي سحرن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 276 ] ومن شر حاسد يعني: اليهود حسدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد ذكرنا حد الحسد في [البقرة: 109] .
والحسد: أخس الطبائع .
وأول معصية عصي الله بها في السماء حسد إبليس
لآدم، وفي الأرض حسد
قابيل هابيل .