أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب .
قوله تعالى:
أم حسبتم أن تدخلوا الجنة في سبب نزولها ثلاثة أقوال . أحدها: أن الصحابة أصابهم يوم الأحزاب بلاء وحصر ، فنزلت هذه الآية ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي عن أشياخه ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة . والثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم ، لما دخل
المدينة هو وأصحابه اشتد بهم الضر ، فنزلت هذه الآية ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء . والثالث: أن المنافقين قالوا للمؤمنين: لو كان
محمد نبيا لم يسلط عليكم القتل ، فأجابوهم: من قتل منا دخل الجنة ، فقالوا: لم تمنون أنفسكم بالباطل؟ فنزلت هذه
[ ص: 232 ] الآية ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل . وزعم أنها نزلت يوم
أحد . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: (أم حسبتم) بمعنى: أظننتم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: "أم" بمعنى: بل . وقد شرحنا "أم" فيما تقدم شرحا كافيا . والمثل بمعنى: الصفة . و"زلزلوا" خوفوا وحركوا بما يؤذي ، وأصل الزلزلة في اللغة من: زل الشيء عن مكانه ، فإذا قلت: زلزلته ، فتأويله: كررت زلزلته من مكانه ، وكل ما كان فيه ترجيع كررت فيه فاء الفعل ، تقول: أقل فلان الشيء: إذا رفعه من مكانه ، فإذا كرر رفعه ورده ، قيل: قلقله . فالمعنى أنه تكرر عليهم التحريك بالخوف ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . البأساء: الشدة والبؤس ، والضراء: البلاء والمرض . وكل رسول بعث إلى أمته يقول:
(متى نصر الله) والنصر: الفتح ، والجمهور على فتح لام "حتى يقول" وضمها
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع .
فصل
ومعنى الآية: أن البلاء والجهد بلغ بالأمم المتقدمة إلى أن استبطؤوا النصر لشدة البلاء . وقد دلت على أن
طريق الجنة إنما هو الصبر على البلاء . قالت
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة: nindex.php?page=hadith&LINKID=662283ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثلاثة أيام تباعا من خبز بر حتى مضى لسبيله . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة: أقر أيامي لعيني ، يوم أرجع إلى أهلي فيشكون إلى الحاجة . قيل: ولم ذلك؟ قال: لأني سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول:
"إن الله يتعاهد المؤمن بالبلاء كما يتعاهد الوالد ولده [بالخير ] ، وإن الله ليحمي المؤمن من الدنيا ، كما يحمي المريض أهله الطعام" أخبرنا
أبو بكر الصوفي ، قال: أخبرنا
أبو سعيد ابن أبي صادق ، قال: أخبرنا
أبو عبد الله الشيرازي ، قال: سمعت
أبا الطيب ابن الفرخان يقول: سمعت
الجنيد يقول: دخلت على
nindex.php?page=showalam&ids=14479سري السقطي وهو يقول:
[ ص: 233 ] وما رمت الدخول عليه حتى حللت محله العبد الذليل
وأغضيت الجفون على قذاها
وصنت النفس عن قال وقيل