ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين .
قوله تعالى:
(ويسألونك عن المحيض) روى
ثابت عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس قال:
كانت اليهود إذا حاضت المرأة منهن لم يؤاكلوها ، ولم يشاربوها ، ولم يجامعوها في البيوت ، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم ، عن ذلك ، فنزلت هذه الآية ، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم ، أن يؤاكلوهن ويشاربوهن ويكونوا معهن في البيوت ، وأن يفعلوا كل شيء ما عدا النكاح . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: جاء [ ص: 248 ] رجل يقال: له ابن الدحداحة ، من الأنصار ، إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: كيف نصنع بالنساء إذا حضن؟ فنزلت هذه الآية . وفي المحيض قولان . أحدهما: أنه اسم للحيض ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: يقال: قد حاضت المرأة تحيض حيضا ومحاضا ومحيضا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة: المحيض: الحيض . والثاني: أنه اسم لموضع الحيض ، كالمقيل ، فإنه موضع القيلولة ، والمبيت موضع البيتوتة . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى أن هذا ظاهر كلام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد . فأما أرباب القول الأول; فأكدوه بأن في اللفظ ما يدل على قولهم ، وهو أنه وصفه بالأذى ، وذلك صفة لتفسير الحيض ، لا لمكانه . وأما أرباب القول الثاني ، فقالوا: لا يمتنع أن يكون المحيض صفة للموضع ، ثم وصفه بما قاربه وجاوره ، كالعقيقة ، فإنها اسم لشعر الصبي ، وسميت بها الشاة التي تذبح عند حلق رأسه مجازا . والرواية: اسم للجمل ، وسميت المزادة راوية مجازا . والأذى يحصل للواطئ بالنجاسة ، ونتن الريح . وقيل: يورث
جماع الحائض علة بالغة في الألم .
فاعتزلوا النساء في المحيض المراد به اعتزال الوطء في الفرج ، لأن المحيض نفس الدم أو نفس الفرج
(ولا تقربوهن) أي: لا تقربوا جماعهن ، وهو تأكيد لقوله:
(فاعتزلوا النساء) .
قوله تعالى:
(حتى يطهرن) قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ، nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع ، nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ، nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر ، وحفص عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم (حتى يطهرن) خفيفة . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة ، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ، nindex.php?page=showalam&ids=15833وخلف ، nindex.php?page=showalam&ids=11948وأبو بكر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم (يطهرن) بتشديد الطاء والهاء وفتحهما . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة: يطهرن: ينقطع عنهن الدم ، يقال: طهرت المرأة وطهرت: إذا رأت الطهر ، وإن لم تغتسل بالماء . ومن قرأ "يطهرن"
[ ص: 249 ] بالتشديد أراد: يغتسلن بالماء . والأصل يتطهرن ، فأدغمت التاء في الطاء . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد: حتى يطهرن من الدم ، فإذا تطهرن اغتسلن بالماء .
قوله تعالى:
(فأتوهن) إباحة من حظر ، لا على الوجوب .
قوله تعالى:
(من حيث أمركم الله) فيه أربعة أقوال .
أحدها: أن معناه: من قبل الطهر ، لا من قبل الحيض ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وأبو رزين ، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي في آخرين .
والثاني: أن معناه: فأتوهن من حيث أمركم الله أن لا تقربوهن فيه ، وهو محل الحيض ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . وقال من نصر هذا القول: إنما قال:
(أمركم الله) والمعنى: نهاكم ، لأن النهي أمر بترك المنهي عنه و"من" بمعنى: "في": كقوله تعالى:
إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة [ الجمعة: 9 ] .
والثالث: فأتوهن من قبل التزويج الحلال ، لا من قبل الفجور ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12691ابن الحنفية . والرابع: أن معناه: فأتوهن من الجهات التي يحل أن تقرب فيها المرأة ، ولا تقربوهن من حيث لا ينبغي مثل أن كن صائمات أو معتكفات أو محرمات . وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وابن كيسان . وفي قوله تعالى:
إن الله يحب التوابين قولان . أحدهما: التوابين من الذنوب ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد في آخرين . والثاني: التوابين من إتيان الحيض ، ذكره بعض المفسرين .
وفي قوله تعالى:
(ويحب المتطهرين) ثلاثة أقوال . أحدها: المتطهرين من الذنوب ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية . والثاني: المتطهرين بالماء ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء . والثالث: المتطهرين من إتيان أدبار النساء . روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . [ ص: 250 ] فصل
أقل الحيض يوم وليلة في إحدى الروايتين عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد . والثانية: يوم . وقال
أبو حنيفة: أقله ثلاثة أيام . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك وداود: ليس لأقله حد . وفي
أكثره روايتان عن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد . إحداهما: خمسة عشر يوما ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي . والثانية سبعة عشر يوما . وقال
أبو حنيفة: أكثره عشرة أيام .
والحيض مانع من عشرة أشياء: فعل الصلاة ، ووجوبها ، وفعل الصوم دون وجوبه ، والجلوس في المسجد ، والاعتكاف ، والطواف ، وقراءة القرآن ، وحمل المصحف ، والاستمتاع في الفرج ، وحصول نية الطلاق .