ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا [ ص: 276 ] عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه واعلموا أن الله غفور حليم .
قوله تعالى:
ولا جناح عليكم فيه قولان . أحدهما: أن معناه: فلا جناح على الرجال في تزويجهن بعد ذلك . والثاني: فلا جناح على الرجال في ترك الإنكار عليهن إذا تزين وتزوجن . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12033أبو سليمان الدمشقي: وهو خطاب لأوليائهن .
قوله تعالى:
فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف فيه قولان . أحدهما: أنه التزين والتشوف للنكاح ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك ، nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل . والثاني: أنه النكاح ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي . و"الخبير" من أسماء الله تعالى ، ومعناه: العالم بكنه الشيء ، المطلع على حقيقته . و"الخبير" في صفة المخلوقين إنما يستعمل في نوع من العلم ، وهو الذي يتوصل إليه بالاجتهاد دون النوع المعلوم ببدائه العقول . وعلم الله تعالى سواء ، فيما غمض ولطف ، وفيما تجلى وظهر .
قوله تعالى:
ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء هذا خطاب لمن
أراد تزويج معتدة . والتعريض: الإيماء والتلويح من غير كشف ، فهو إشارة بالكلام إلى ما ليس له في الكلام ذكر .
والخطبة بكسر الخاء: طلب النكاح ، والخطبة بضم الخاء: مثل الرسالة التي لها أول وآخر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: التعريض أن يقول: إني أريد أن أتزوج . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: أن يقول: إنك لجميلة ، وإنك لحسنة ، وإنك لإلى خير .
قوله تعالى:
أو أكننتم في أنفسكم قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: فيه لغتان ، كننت الشيء ، وأكننته
[ ص: 277 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15611ثعلب: أكننت الشيء: إذا أخفيته في نفسك ، وكننته: إذا سترته بشيء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة: أكننت الشيء: إذا سترته ، ومنه هذه الآية ، وكننته: إذا صنته ، ومنه قوله تعالى:
كأنهن بيض مكنون [ الصافات: 49 ] قال بعضهم يجعل كننته ، وأكننته ، بمعنى .
قوله تعالى:
علم الله أنكم ستذكرونهن قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: ذكره إياها في نفسه .
قوله تعالى:
ولكن لا تواعدوهن سرا فيه أربعة أقوال . أحدها: أن المراد بالسر هاهنا: النكاح ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وأنشد بيت
امرئ القيس: ألا زعمت بسباسة اليوم أنني كبرت وأن لا يشهد السر أمثالي
وفي رواية: يشهد اللهو قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: ونرى أنه مما كنى الله عنه ، كقوله تعالى:
أو جاء أحد منكم من الغائط [ النساء: 43 ] . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبي عبيدة أن السر: الإفضاء بالنكاح [المحرم ] وأنشد:
ويحرم سر جارتهم عليهم ويأكل جارهم أنف القصاع
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة: استعير السر للنكاح ، لأن النكاح يكون سرا ، فالمعنى: لا تواعدوهن
[ ص: 278 ] بالتزويج ، [وهن في العدة ] تصريحا
إلا أن تقولوا قولا معروفا لا تذكرون فيه رفثا ولا نكاحا . والثاني: أن المواعدة سرا: أن يقول لها: إني لك محب ، وعاهديني أن لا تتزوجي غيري ، روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا . والثالث: أن المراد بالسر الزنا . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=11867وجابر بن زيد ، وأبو مجلز ، وإبراهيم ، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك . والرابع: أن المعنى: لا تنكحوهن في عدتهن سرا ، فإذا حلت أظهرتم ذلك ، قاله
ابن زيد . وفي القول المعروف قولان . أحدهما: أنه التعريض لها ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم بن محمد ، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، وإبراهيم ، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي . والثاني: أنه إعلام وليها برغبته فيها ، وهو قول
عبيدة .
قوله تعالى:
ولا تعزموا عقدة النكاح قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: معناه لا تعزموا على عقدة النكاح ، وحذفت "على" استخفافا ، كما قالوا: ضرب
زيد الظهر والبطن ، معناه: على الظهر والبطن
(حتى يبلغ الكتاب أجله) أي: حتى يبلغ فرض الكتاب أجله . قال: ويجوز أن يكون "الكتاب" بمعنى "الفرض" كقوله تعالى:
كتب عليكم الصيام [ البقرة: 183 ] . فيكون المعنى: حتى يبلغ الفرض أجله . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي: بلوغ الكتاب أجله: انقضاء العدة .
قوله تعالى:
واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: من الوفاء ، فاحذروه أن تخالفوه في أمره . والحليم قد سبق بيانه .