وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين .
قوله تعالى:
وقال لهم نبيهم إن آية ملكه الآية: العلامة ، فمعناه: علامة تمليك الله إياه
(أن يأتيكم التابوت) وهذا من مجاز الكلام ، لأن التابوت يؤتى به ، ولا يأتي ، ومثله
(فإذا عزم الأمر) وإنما جاز مثل هذا ، لزوال اللبس فيه ، كما بينا في قوله تعالى:
فما ربحت تجارتهم [ البقرة: 16 ] . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس: أنهم قالوا لنبيهم: إن كنت صادقا ، فأتنا بآية تدل على أنه ملك ، فقال لهم ذلك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب: خيرهم ، أي آية يريدون ، فقالوا: أن يرد علينا التابوت . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: كان التابوت من عود الشمشار عليه صفائح الذهب ، وكان يكون مع الأنبياء إذا حضروا قتالا ، قدموه بين أيديهم يستنصرون به ، وفيه السكينة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه: كان نحوا من ثلاث أذرع في ذراعين . قال
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل: فلما تفرقت بنو إسرائيل ، وعصوا الأنبياء ، سلط الله عليهم عدوهم ، فغلبوهم عليه . وفي السكينة سبعة أقوال . أحدها: أنها ريح هفافة لها وجه كوجه الإنسان ، رواه
أبو الأحوص عن
علي رضي الله عنه . والثاني: أنها دابة بمقدار الهر ، لها عينان لها شعاع ، وكانوا إذا التقى الجمعان ، أخرجت يدها ، ونظرت إليهم ، فيهزم الجيش من الرعب . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: السكينة لها رأس كرأس الهرة ، وجناحان . والثالث: أنها طست من ذهب [من الجنة ] تغسل فيه قلوب الأنبياء . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12139أبو مالك عن
[ ص: 295 ] nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . والرابع: أنها روح من الله تتكلم ، كانوا إذا اختلفوا في شيء ، كلمتهم وأخبرتهم ببيان ما يريدون ، رواه
عبد الصمد بن معقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه . والخامس: أن السكينة ما يعرفون من الآيات فيسكنون إليها ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح ، وذهب إلى نحوه
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ، فقال: السكينة: من السكون ، فمعناه: فيه ما تسكنون إليه إذا أتاكم . والسادس: أن السكينة معناها هاهنا: الوقار ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=17124معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة . والسابع: أن السكينة: الرحمة . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14354الربيع بن أنس .
وفي البقية تسعة أقوال . أحدها: أنها رضاض الألواح التي تكسرت حين ألقاها
موسى وعصاه ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي . والثاني: أنها رضاض الألواح . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ، ولم يذكر العصا . وقيل: إنما اتخذ
موسى التابوت ليجمع رضاض الألواح فيه . والثالث: أنها عصا
موسى ، والسكينة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب . والرابع: عصا
موسى ، وعصا
هارون ، وثيابهما ، ولوحان من التوراة ، والمن ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح . والخامس: أن البقية العلم والتوراة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح . والسادس: أنها رضاض الألواح ، وقفيز من من في طست من ذهب ، وعصا
موسى وعمامته ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل . والسابع أنه قفيز من من ورضاض
[ ص: 296 ] الألواح ، حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري عن بعض العلماء . والثامن: أنها عصا
موسى والنعلان . ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري أيضا عن بعض أهل العلم . والتاسع: أن المراد بالبقية: الجهاد في سبيل الله ، وبذلك أمروا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك .
والمراد بآل
موسى ، وآل
هارون: موسى وهارون . وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة: ولا تبك ميتا بعد ميت أحبة علي وعباس وآل أبي بكر
يريد:
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر نفسه .
قوله تعالى:
تحمله الملائكة قرأ الجمهور: "تحمله" بالتاء ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش بالياء . وفي المكان الذي حملته منه الملائكة إليهم قولان . أحدهما: أنه كان مرفوعا مع الملائكة بين السماء والأرض ، منذ خرج عن بني إسرائيل ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن . والثاني: أنه كان في الأرض .
وفي أي: مكان كان؟ فيه قولان .
أحدهما: أنه كان في أيدي العمالقة قد دفنوه ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: أخذ التابوت قوم
جالوت ، فدفنوه في متبرز لهم ، فأخذه الباسور فهلكوا ، ثم أخذه أهل مدينة أخرى ، فأخذهم بلاء ، فهلكوا ، ثم أخذه غيرهم كذلك ، حتى هلكت خمس مدائن ، فأخرجوه على بقرتين ، ووجهوهما إلى بني إسرائيل ، فساقتهما الملائكة .
والثاني: أنه كان في برية التيه ، خلفه فيها
يوشع ، ولم يعلموا بمكانه حتى جاءت به الملائكة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
وفي كيفية مجيء الملائكة به قولان .
أحدهما: أنها جاءت به بأنفسها ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب: قالوا لنبيهم: اجعل لنا وقتا يأتينا فيه ،
[ ص: 297 ] فقال: الصبح ، فلم يناموا ليلتهم ، ووافت به الملائكة مع الفجر ، فسمعوا حفيف الملائكة تحمله بين السماء والأرض .
والثاني: أن الملائكة جاءت به على عجلة وثورين ، ذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب أيضا . فعلى القول الأول: يكون معنى تحمله: تقله . وعلى الثاني: يكون معنى حملها إياه: تسببها في حمله ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: ويجوز في اللغة أن يقال: حملت الشيء إذا كنت سببا في حمله .
قوله تعالى:
إن في ذلك لآية لكم أي: علامة تدل على تمليك
طالوت . قال المفسرون: فلما جاءهم التابوت وأقروا له بالملك ، تأهب للخروج ، فأسرعوا في طاعته ، وخرجوا معه ، فذلك قوله تعالى .