للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضربا في الأرض يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافا وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم .
قوله تعالى:
للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لما حثهم على الصدقات والنفقات ، دلهم على خير من تصدق عليه . وقد تقدم تفسير الإحصار عند قوله:
فإن أحصرتم [ البقرة: 11 ] وفي المراد بـ "الذين أحصروا" أربعة أقوال . أحدها: أنهم أهل الصفة حبسوا أنفسهم على طاعة الله ، ولم يكن لهم شيء ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل . والثاني: أنهم فقراء
المهاجرين ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . [ ص: 328 ] . والثالث: أنهم قوم حبسوا أنفسهم على الغزو ، فلا يقدرون على الاكتساب ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة . والرابع: أنهم قوم أصابتهم جراحات مع النبي صلى الله عليه وسلم ، فصاروا زمنى ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي ، وقال: أحصروا من المرض ، ولو أراد الحبس ، لقال: حصروا ، وإنما الإحصار من الخوف ، أو المرض . والحصر: الحبس في غيرهما . وفي سبيل الله قولان . أحدهما: أنه الجهاد ، والثاني: الطاعة . وفي الضرب في الأرض قولان . أحدهما: أنه الجهاد لم يمكنهم لفقرهم ، نقل عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . والثاني: الكسب ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة . وفي الذي منعهم من ذلك ثلاثة أقوال . أحدها: الفقر ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . والثاني: أمراضهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15992ابن جبير ، nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد . والثالث: التزامهم بالجهاد ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج .
قوله تعالى:
(يحسبهم الجاهل) قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ، nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع ، nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي "يحسبهم" و"يحسبن" بكسر السين في جميع القرآن . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابن عامر ، nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة ، nindex.php?page=showalam&ids=11962وأبو جعفر بفتح السين في الكل . قاله
أبو علي: فتح السين أقيس ، لأن الماضي إذا كان على "فعل" ، نحو: حسب ، كان المضارع على "يفعل" ، مثل: فرق يفرق ، وشرب يشرب ، والكسر حسن لموضع السمع . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة: لم يرد الجهل الذي هو ضد العقل ، إنما أراد الجهل الذي هو ضد الخبر ، فكأنه قال: يحسبهم من لا يخبر أمرهم . والتعفف: ترك السؤال ، يقال: عف عن الشيء وتعفف . والسيما: العلامة التي يعرف بها الشيء ، وأصله من السمة . وفي المراد بسيماهم ثلاثة أقوال . أحدها: تجملهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . والثاني: خشوعهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . والثالث: أثر الفقر عليهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي nindex.php?page=showalam&ids=14354والربيع بن أنس ، وهذا يدل على أن للسيما حكما يتعلق بها . قال إمامنا
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في الميت يوجد في دار
[ ص: 329 ] الحرب ، ولا يعرف أمره: ينظر إلى سيماه ، فإن كان عليه سيما الكفار من عدم الختان ، حكم له بحكمهم ، فلم يدفن في مقابر المسلمين ، ولم يصل عليه ، وإن كان عليه سيما المسلمين حكم له بحكمهم . وأما الإلحاف ، فهو: الإلحاح ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة: يقال: ألحف في المسألة: إذا ألح ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: معنى ألحف: شمل بالمسألة ، ومنه اشتقاق اللحاف ، لأنه يشمل الإنسان بالتغطية ، فإن قيل: فهل كانوا يسألون غير ملحفين؟ فالجواب: أن لا ، وإنما معنى الكلام: أنه لم يكن منهم سؤال ، فيكون إلحاف .
قال
الأعشى: لا يغمز الساق من أين ولا وصب ولا يعض على شرسوفه الصفر
معناه: ليس بساقه أين ولا وصب ، فيغمزها لذلك . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: ومثله أن تقول: قلما رأيت مثل هذا الرجل ، ولعلك لم تر قليلا ولا كثيرا من أشباهه ، فهم لا يسألون الناس إلحافا ، ولا غير إلحاف . وإلى نحو هذا ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ، nindex.php?page=showalam&ids=12590وابن الأنباري في آخرين .