ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون .
قوله تعالى:
(ليسوا سواء) ، في سبب نزولها قولان .
أحدهما:
أن النبي صلى الله عليه وسلم ، احتبس عن صلاة العشاء ليلة حتى ذهب ثلث الليل ، [ ص: 442 ] ثم جاء فبشرهم ، فقال: "إنه لا يصلي هذه الصلاة أحد من أهل الكتاب" فنزلت هذه الآية ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود .
والثاني: أنه لما أسلم
nindex.php?page=showalam&ids=106ابن سلام في جماعة من اليهود ، قال أحبارهم: ما آمن
بمحمد إلا أشرارنا ، فنزلت هذه الآية ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل . وفي معنى الآية قولان .
أحدهما: ليس أمة
محمد واليهود سواء ، هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي .
والثاني: ليس اليهود كلهم سواء ، بل فيهم من هو قائم بأمر الله ، هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: الوقف التام (ليسوا سواء) أي: ليس أهل الكتاب متساوين . وفي معنى "قائمة" ثلاثة أقوال .
أحدها: أنها الثابتة على أمر الله ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة .
والثاني: أنها العادلة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج .
والثالث: أنها المستقيمة ، قاله
أبو عبيد ، nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: ذكر أمة واحدة ولم يذكر بعدها أخرى ، والكلام مبني على أخرى ، لأن "سواء" لا بد لها من اثنين ، وقد تستجيز
العرب إضمار أحد الشيئين إذا كان في الكلام دليل عليه . قال
أبو ذؤيب: عصيت إليها القلب إني لأمره سميع فما أدري أرشد طلابها؟!
[ ص: 443 ] ولم يقل: أم لا ، ولا أم غي ، لأن الكلام معروف المعنى .
وقال آخر:
وما أدري إذا يممت أرضا أريد الخير أيهما يليني
أألخير الذي أنا أبتغيه أم الشر الذي هو يبتغيني
ومثله قوله تعالى:
أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما [ الزمر: 9 ] ولم يذكر ضده ، لأن في قوله:
قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون [ الزمر: 9 ] . دليلا على ما أضمر من ذلك ، وقد رد هذا القول
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ، فقال: قد جرى ذكر أهل الكتاب في قوله تعالى:
كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق فأعلم الله أن منهم أمة قائمة . فما الحاجة إلى أن يقال: وأمة غير قائمة؟ وإنما بدأ بذكر فعل الأكثر منهم ، وهو الكفر والمشاقة فذكر من كان منهم مباينا لهؤلاء . قال: و"آناء الليل" ساعاته ، وواحد الآناء: إني . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس: يقال: مضى من الليل إني ، وإنيان ، والجمع: الآناء . واختلف المفسرون . هل هذه الآناء معينة من الليل أم لا؟ على قولين .
أحدهما: أنها معينة ، ثم فيها ثلاثة أقوال .
أحدها: أنها صلاة العشاء ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد .
والثاني: أنها ما بين المغرب والعشاء ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان عن
منصور .
والثالث: جوف الليل ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي . [ ص: 444 ] . والثاني: أنها ساعات الليل من غير تعيين ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة في آخرين .
وفي قوله تعالى:
(وهم يسجدون) ، قولان .
أحدهما: أنه كناية عن الصلاة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل ، nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء ، nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج .
والثاني: أنه السجود المعروف ، وليس المراد أنهم يتلون في حال السجود ، ولكنهم جمعوا الأمرين ، التلاوة والسجود .