يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت واحدة فلها النصف ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث فإن كان له إخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصي بها أو دين
[ ص: 25 ] آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فريضة من الله إن الله كان عليما حكيما
قوله تعالى:
يوصيكم الله في أولادكم في سبب نزولها ثلاثة أقوال .
أحدها:
nindex.php?page=hadith&LINKID=655219أن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله مرض فعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال: كيف أصنع في مالي يا رسول الله ، فنزلت هذه الآية ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم .
والثاني:
أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بابنتين لها ، فقالت: يا رسول قتل أبو هاتين معك يوم أحد ، وقد استفاء عمهما مالهما ، فنزلت ، روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله أيضا .
والثالث:
أن عبد الرحمن أخا nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت مات ، وترك امرأة ، وخمس بنات ، فأخذ ورثته ماله ، ولم يعطوا امرأته ، ولا بناته شيئا ، فجاءت امرأته ، تشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية ، هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، [ ص: 26 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : ومعنى يوصيكم: يفرض عليكم ، لأن الوصية منه فرض ، وقال غيره: إنما ذكره بلفظ الوصية لأمرين .
أحدهما: أن الوصية تزيد على الأمر ، فكانت آكد .
والثاني: أن في الوصية حقا للموصي ، فدل على تأكيد الحال بإضافته إلى حقه . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة: "يوصيكم" بالتشديد .
قوله تعالى:
للذكر مثل حظ الأنثيين يعني: ، للابن من الميراث مثل حظ الأنثيين ، ثم ذكر نصيب الإناث من الأول ، فقال:
فإن كن يعني: البنات
(نساء فوق اثنتين وفي قوله: "فوق" قولان .
أحدهما: أنها زائدة ، كقوله
فاضربوا فوق الأعناق [الأنفال: 13]
والثاني: أنهم بمعنى: الزيادة ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى: إنما نص على ما فوق الاثنتين ، والواحدة ولم ينص على الاثنتين لأنه لما جعل لكل واحدة مع الذكر الثلث ، كان لها مع الأنثى الثلث أولى .
قوله تعالى:
وإن كانت واحدة قرأ الجمهور بالنصب ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع بالرفع ، على معنى: وإن وقعت ، أو وجدت واحدة .
قوله تعالى:
ولأبويه قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : أبواه تثنية أب وأبة ، والأصل في الأم أن يقال لها: أبة ، ولكن استغنى عنها بأم ، والكناية في قوله "لأبويه" عن الميت وإن لم يجر له ذكر .
وقوله تعالى:
فلأمه الثلث أي: إذا لم يخلف غير أبوين ، فثلث ماله لأمه ، والباقي للأب ، وإنما خص الأم بالذكر ، لأنه لو اقتصر على قوله:
وورثه أبواه ظن الظان أن المال يكون بينهما نصفين ، فلما خصها بالثلث ، دل على التفضيل .
[ ص: 27 ] وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ، nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع ، nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم ، nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ، nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر "فلأمه" و
في بطون أمهاتكم [الزمر: 6] و
في أمها [القصص: 59] وفي
أم الكتاب [الزخرف: 4] بالرفع . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة ، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي كل ذلك بالكسر إذا وصلا ، وحجتهما: أنهما أتبعا الهمزة ما قبلها ، من ياء أو كسرة .
قوله تعالى:
فإن كان له إخوة أي: مع الأبوين ، فإنهم يحجبون الأم عن الثلث ، فيردونها إلى السدس ، واتفقوا على أنهم إذا كانوا ثلاثة إخوة ، حجبوا ، فإن كانا أخوين ، فهل يحجبانها؟ فيه قولان .
أحدهما: يحجبانها عن الثلث ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=7وعثمان ، nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي ، وزيد ، والجمهور .
والثاني: لا يحجبها إلا ثلاثة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، واحتج بقوله: إخوة . والأخوة: اسم جمع ، واختلفوا في أقل الجمع ، فقال: الجمهور: أقله ثلاثة ، وقال قوم: اثنان ، والأول: أصح . وإنما حجب العلماء الأم بأخوين لدليل اتفقوا عليه ، وقد يسمى الاثنان بالجمع ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : جميع أهل اللغة يقولون:
[ ص: 28 ] إن الأخوين جماعة ، وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أن
العرب تقول: وضعا رحالهما ، يريدون: رحلي راحلتيهما .
قوله تعالى:
من بعد وصية أي: هذه السهام إنما تقسم بعد الوصية والدين . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ، nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر ، nindex.php?page=showalam&ids=11948وأبو بكر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم "يوصى بها" بفتح الصاد في الحرفين . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع ، nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ، nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة ، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي: "يوصي" فيهما بالكسر ، وقرأ
حفص ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم الأولى بالكسر ، والثانية بالفتح .
واعلم أن الدين مؤخر في اللفظ ، مقدم في المعنى ، لأن الدين حق عليه ، والوصية حق له ، وهما جميعا مقدمان على حق الورثة إذا كانت
الوصية في ثلث المال ، و"أو" لا توجب الترتيب ، إنما تدل على أن أحدهما إن كان ، فالميراث بعده ، وكذلك إن كانا .
[ ص: 29 ] قوله تعالى:
آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا فيه قولان .
أحدهما: أنه النفع في الآخرة ثم فيه قولان .
أحدهما: أن الوالد إذا كان أرفع درجة من ولده ، رفع إليه ولده ، وكذلك الولد ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثاني: أنه شفاعة بعضهم في بعض ، رواه
علي بن أبي طلحة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والقول الثاني أنه النفع في الدنيا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . ثم في معناه: قولان .
أحدهما: أن المعنى: لا تدرون هل موت الآباء أقرب ، فينتفع الأبناء بأموالهم ، أو موت الأبناء ، فينتفع الآباء بأموالهم؟ قاله
ابن بحر .
والثاني: أن المعنى: أن الآباء والأبناء يتفاوتون في النفع ، حتى لا يدري أيهم أقرب نفعا ، لأن الأولاد ينتفعون في صغرهم بالآباء ، والآباء ينتفعون في كبرهم بالأبناء ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : معنى الكلام: أن الله قد فرض الفرائض على ما هو عنده حكمة . ولو وكل ذلك إليكم لم تعلموا أيهم أنفع لكم ، فتضعون الأموال على غير حكمة . إن الله كان عليما بما يصلح خلقه ، حكيما فيما فرض .
وفي معنى "كان" ثلاثة أقوال .
أحدها: أن معناها: كان عليما بالأشياء قبل خلقها ، حكيما فيما يقدر تدبيره منها ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن .
والثاني: أن معناها: لم يزل . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه: كأن القوم شاهدوا علما وحكمة ،
[ ص: 30 ] فقيل: لهم: إن الله كان كذلك ، أي: لم يزل على ما شاهدتم ، ليس ذلك بحادث .
والثالث: أن لفظة "كان" في الخبر عن الله عز وجل يتساوى ماضيها ومستقبلها ، لأن الأشياء عنده على حال واحدة ، ذكر هذه الأقوال .
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج .