[ ص: 49 ] والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة إن الله كان عليما حكيما
قوله:
والمحصنات من النساء أما سبب نزولها ، فروى
nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري قال: أصبنا سبايا يوم أوطاس لهن أزواج ، فكرهنا أن نقع عليهن ، فسألنا النبي صلى الله عليه وسلم ، فنزلت هذه الآية ، فاستحللناهن .
وأما خلاف القراء ، فقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ، nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع ، nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ، nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم ، nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر ، nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة بفتح الصاد في كل القرآن ، وفتح
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي الصاد في هذه وحدها ، وقرأ سائر القرآن بالكسر ، و"المحصنات" و"محصنات" . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة: والإحصان: أن يحمي الشيء ، ويمنع منه ، فالمحصنات [من النساء]: ذوات الأزواج ، لأن الأزواج أحصنوهن ، ومنعوا منهن . قال الله تعالى:
والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم والمحصنات: الحرائر وإن لم يكن متزوجات ، لأن الحرة تحصن وتحصن ، وليست كالأمة ، قال الله تعالى:
ومن لم [ ص: 50 ] يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات [ النساء: 25] وقال:
فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب [النساء: 25] يعني: الحرائر ، والمحصنات: العفائف . و قال الله تعالى:
والذين يرمون المحصنات [النور: 4] يعني: العفائف . وقال الله تعالى:
ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها [التحريم: 12] أي: عفت .
وفي المراد بالمحصنات هاهنا: ثلاثة أقوال .
أحدها: ذوات الأزواج ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=15992وابن جبير ، nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ، وابن زيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء ، nindex.php?page=showalam&ids=13436وابن قتيبة ، nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج .
والثاني: العفائف: فإنهن حرام على الرجال إلا بعقد نكاح ، أو ملك يمين . وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبي العالية ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ، وعبيدة ، nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي .
والثالث: الحرائر ، فالمعنى: أنهن حرام بعد الأربع اللواتي ذكرن في أول السورة ، روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وعبيدة .
فعلى القول الأول في معنى قوله:
إلا ما ملكت أيمانكم قولان .
أحدهما: أن معناه: إلا ما ملكت أيمانكم من السبايا في الحروب ، وعلى هذا تأول الآية
علي ، nindex.php?page=showalam&ids=38وعبد الرحمن بن عوف ، nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، وكان هؤلاء لا يرون بيع الأمة طلاقا .
والثاني: إلا ما ملكت أيمانكم من الإماء ذوات الأزواج ، بسبي أو غير سبي ، وعلى هذا تأول الآية
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب ، وجابر ، nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس ، وكان هؤلاء يرون
بيع الأمة طلاقا . وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=15990وسعيد بن المسيب ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن: أنهم قالوا: بيع الأمة طلاقها ، والأول أصح ،
[ ص: 51 ] لأن النبي صلى الله عليه وسلم خير
بريرة إذ أعتقتها
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، بين المقام مع زوجها الذي زوجها منه سادتها في حال رقها ، وبين فراقه ، ولم يجعل النبي صلى الله عليه وسلم عتق
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة إياها طلاقا ، ولو كان طلاقا لم يكن لتخييره إياها معنى . ويدل على صحة القول الأول ما ذكرناه من سبب نزول الآية .
وعلى القول الثاني: العفائف حرام إلا بملك ، والملك يكون عقدا ، ويكون ملك يمين .
وعلى القول الثالث: الحرائر حرام بعد الأربع إلا ما ملكت أيمانكم من الإماء ، فإنهن لم يحصرن بعدد .
قوله تعالى:
كتاب الله عليكم قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : هو منصوب على التوكيد ، محمول على المعنى ، لأن معنى
"حرمت عليكم أمهاتكم": كتب الله عليكم هذا كتابا ، قال: ويجوز أن ينتصب على جهة الأمر ، ويكون "عليكم" مفسرا له ، فيكون المعنى: الزموا كتاب الله . قال:
وأحل لكم ما وراء ذلكم أي: ما بعد هذه الأشياء ، إلا أن السنة ، قد حرمت تزويج المرأة على عمتها ، وتزويجها على خالتها ، وقرأ
ابن السميفع ، وأبو عمران: ( كتب الله عليكم )
[ ص: 52 ] بفتح الكاف ، والتاء ، والباء ، من غير ألف ، ورفع الهاء . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ، nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع ، nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ، nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر: وأحل بفتح الحاء ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة ، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي: بضم الألف .
فصل
قال شيخنا
علي بن عبيد الله: وعامة العلماء ذهبوا إلى أن قوله:
وأحل لكم ما وراء ذلكم تحليل ورد بلفظ العموم ، وأنه عموم دخله التخصيص ، والمخصص له
nindex.php?page=hadith&LINKID=654717نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن تنكح المرأة على عمتها ، أو على خالتها ، وليس هذا على سبيل النسخ . وذهب طائفة إلى أن التحليل المذكور في الآية منسوخ بهذا الحديث .
قوله تعالى:
أن تبتغوا بأموالكم أي: تطلبوا إما بصداق في نكاح ، أو ثمن في ملك "محصنين" قال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة: متزوجين ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : عاقدين التزويج ، وقال غيرهما: متعففين غير زانين . والسفاح: الزنى ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة: أصله من سفحت القربة: إذا صببتها ، فسمي الزنى سفاحا ، لأنه [يسافح] يصب النطفة ، وتصب المرأة النطفة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس: السفاح: صب الماء بلا عقد ، ولا نكاح ، فهو كالشيء يسفح ضياعا .
قوله تعالى:
فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فيه قولان .
[ ص: 53 ] أحدهما: أنه الاستمتاع في النكاح بالمهور ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، والجمهور .
والثاني: أنه الاستمتاع إلى أجل مسمى من غير عقد نكاح . وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: أنه كان يفتي بجواز المتعة ، ثم رجع عن ذلك وقد تكلف قوم من مفسري القراء ، فقالوا: المراد بهذه الآية
نكاح المتعة ، ثم نسخت بما روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=911996عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن متعة النساء ، وهذا تكلف لا يحتاج إليه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز المتعة ، ثم منع منها ، فكان قوله منسوخا بقوله . وأما الآية ،
[ ص: 54 ] فإنها لم تتضمن جواز المتعة . لأنه تعالى قال فيها:
أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين فدل ذلك على النكاح الصحيح . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : ومعنى قوله:
فما استمتعتم به منهن فما نكحتموهن على الشريطة التي جرت ، وهو قوله:
محصنين غير مسافحين أي: عاقدين التزويج
فآتوهن أجورهن أي: مهورهن . ومن ذهب في الآية إلى غير هذا ، فقد أخطأ ، وجهل اللغة .
قوله تعالى:
ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة فيه ستة أقوال .
أحدها: أن معناه: لا جناح عليكم فيما تركته المرأة من صداقها ، ووهبته لزوجها ، هذا مروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد .
والثاني: ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من مقام ، أو فرقة بعد أداء الفريضة ، روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا .
والثالث: ولا جناح عليكم أيها الأزواج إذا أعسرتم بعد الفرض لنسائكم فيما تراضيتم به من أن ينقصنكم أو يبرئنكم ، قاله
أبو سليمان التيمي . [ ص: 55 ] والرابع: لا جناح عليكم إذا انقضى أجل المتعة أن يزدنكم في الأجل ، وتزيدونهن في الأجر من غير استبراء ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي ، وهو يعود إلى قصة المتعة .
والخامس: لا جناح عليكم أن تهب المرأة للرجل مهرها ، أو يهب هو للتي لم يدخل بها نصف المهر الذي لا يجب عليه . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج .
والسادس: أنه عام في الزيادة ، والنقصان ، والتأخير ، والإبراء ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى .