لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون
قوله تعالى:
لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم سبب نزولها: أنه لما نزل قوله:
لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم قال القوم الذين كانوا حرموا النساء واللحم: يا رسول الله كيف نصنع بأيماننا التي حلفنا عليها؟ فنزلت هذه الآية ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14836العوفي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وقد سبق ذكر "اللغو" في سورة (البقرة) .
قوله تعالى:
بما عقدتم الأيمان قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ، nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع ، nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ، وحفص عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم: "عقدتم" بغير ألف ، مشددة القاف . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو: معناها:
[ ص: 413 ] وكدتم . وقرأ
أبو بكر ، والمفضل عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم: "عقدتم" خفيفة بغير ألف ، واختارها
أبو عبيد . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير: معناها: أوجبتموها على أنفسكم . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابن عامر: "عاقدتم" بألف ، مثل "عاهدتم" . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى: وهذه القراءة المشددة لا تحتمل إلا عقد قول . فأما المخففة ، فتحتمل عقد القلب ، وعقد القول .
وذكر المفسرون في معنى الكلام قولين .
أحدهما: ولكن يؤاخذكم بما عقدتم عليه قلوبكم في التعمد لليمين ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
والثاني: بما عقدتم عليه قلوبكم أنه كذب ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير .
قوله تعالى:
فكفارته قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير: الهاء عائدة على "ما" في قوله:
بما عقدتم .
فصل
فأما إطعام المساكين ، فروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=47وزيد بن ثابت ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن في آخرين: أن لكل مسكين مد بر ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي ، nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة في آخرين: لكل مسكين نصف صاع من بر ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=25وعائشة: أو صاعا من تمر ، وبه قال
أبو حنيفة . ومذهب أصحابنا في جميع الكفارات التي فيها إطعام ، مثل كفارة اليمين ، والظهار ، وفدية الأذى ، والمفرطة في قضاء رمضان ، مد بر ، أو نصف صاع تمر أو شعير . ومن
شرط صحة الكفارة ، تمليك الطعام للفقراء ، فإن غداهم وعشاهم ، لم يجزئه ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، والحكم ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي: يجزئه ، وبه قال
أبو حنيفة ، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك . ولا يجوز صرف مدين إلى مسكين واحد ، ولا إخراج القيمة في الكفارة ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . وقال
أبو حنيفة: يجوز . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : وإنما وقع
[ ص: 414 ] لفظ التذكير في المساكين ، ولو كانوا إناثا لأجزأ ، لأن المغلب في كلام
العرب التذكير . وفي قوله:
من أوسط ما تطعمون أهليكم قولان .
أحدهما: من أوسطه في القدر ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي ، nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد .
والثاني: من أوسط أجناس الطعام ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، والأسود ، وعبيدة ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال: كان أهل
المدينة [يقولون:] للحر من القوت أكثر ما للمملوك ، وللكبير أكثر ما للصغير ، فنزلت
من أوسط ما تطعمون أهليكم ليس بأفضله ولا بأخسه . وفي كسوتهم خمسة أقوال .
أحدها: أنها ثوب واحد ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاووس ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي . والثاني:
ثوبان ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=110أبو موسى الأشعري ، nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب ، nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ، nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك . والثالث: إزار ورداء وقميص ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر . والرابع: ثوب جامع كالملحفة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي . والخامس: كسوة تجزئ فيها الصلاة ، قاله مالك . ومذهب أصحابنا: أنه إن كسا الرجل ، كساه ثوبا ، والمرأة ثوبين ، درعا وخمارا ، وهو أدنى ما تجزئ فيه الصلاة . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12067أبو عبد الرحمن السلمي ، nindex.php?page=showalam&ids=11838وأبو الجوزاء ، nindex.php?page=showalam&ids=17344ويحيى بن يعمر: "أو كسوتهم" ، بضم الكاف . وقد قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية ، وأبو نهيك ، ومعاذ القارئ: "أوكإسوتهم" بهمزة مكسورة ، مفتوحة الكاف ، مكسورة التاء والهاء . وقرأ
ابن السميفع ، وأبو عمران الجوزي مثله ، إلا أنهما فتحا الهمزة . قال المصنف: ولا أرى هذه القراءة جائزة ، لأنها تسقط أصلا من أصول الكفارة .
[ ص: 415 ] قوله تعالى:
أو تحرير رقبة تحريرها: عتقها ، والمراد بالرقبة: جملة الشخص . واتفقوا على اشتراط
إيمان الرقبة في كفارة القتل لموضع النص .
واختلفوا في إيمان الرقبة المذكورة في هذه الكفارة على قولين .
أحدهما: أنه شرط ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، لأن الله تعالى قيد بذكر الإيمان في كفارة القتل ، فوجب حمل المطلق على المقيد .
والثاني: ليس بشرط ، وبه قال
أبو حنيفة ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد رضي الله عنه في إيمان الرقبة المعتقة في كفارة اليمين ، وكفارة الظهار ، وكفارة الجماع ، والمنذورة ، روايتان .
قوله تعالى:
فمن لم يجد اختلفوا فيما إذا لم يجده ، صام ، على خمسة أقوال .
أحدها: أنه إذا لم يجد درهمين صام ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن . والثاني: ثلاثة دراهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير . والثالث: إذا لم يجد إلا قدر ما يكفر به ، صام ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة . والرابع: مئتي درهم ، قاله
أبو حنيفة . والخامس: إذا لم يكن له إلا قدر قوته وقوت عائلته يومه وليلته ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وفي تتابع الثلاثة أيام ، قولان .
أحدهما: أنه شرط ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي ، nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود يقرآن: ( فصيام ثلاثة أيام متتابعات ) وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاووس ، nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ، nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ، وأبو حنيفة ، وهو قول أصحابنا .
والثاني: ليس بشرط ، ويجوز التفريق ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك ، nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي فيه قولان .
قوله تعالى:
ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم فيه إضمار تقديره: إذا حلفتم وحنثتم . وفي قوله:
واحفظوا أيمانكم ثلاثة أقوال .
[ ص: 416 ] أحدها: أقلوا منها ، ويشهد له قوله:
ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم وأنشدوا:
قليل الألايا حافظ ليمينه
والثاني: احفظوا أنفسكم من الحنث فيها .
والثالث: راعوها لكي تؤدوا الكفارة عند الحنث فيها .