أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون [ ص: 235 ] تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين .
قوله تعالى:
أولم يهد للذين وقرأ
يعقوب: " نهد " بالنون ، وكذلك في [طه:128] و[السجدة:26] قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : من قرأ بالياء فالمعنى: أو لم يبين الله لهم . ومن قرأ بالنون ، فالمعنى: أو لم نبين . وقوله تعالى:
ونطبع ليس بمحمول على "أصبناهم" لأنه لو حمل على "أصبناهم" لكان: ولطبعنا . وإنما المعنى: ونحن نطبع على قلوبهم . ويجوز أن يكون محمولا على الماضي ، ولفظه لفظ المستقبل ، كما قال:
أن لو نشاء والمعنى: لو شئنا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري: يجوز أن يكون معطوفا على: أصبنا ، إذ كان بمعنى نصيب; فوضع الماضي في موضع المستقبل عند وضوح معنى الاستقبال ، كما قال:
تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك [الفرقان:10] أي: إن يشأ ، يدل عليه قوله:
ويجعل لك قصورا قال الشاعر:
إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا مني وما سمعوا من صالح دفنوا
أي: يدفنوا .
قوله تعالى:
فهم لا يسمعون أي: لا يقبلون ، ومنه:" سمع الله لمن حمده" قال الشاعر:
دعوت الله حتى خفت أن لا يكون الله يسمع ما أقول
[ ص: 236 ] قوله تعالى:
فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل فيه خمسة أقوال .
أحدها: فما كانوا ليؤمنوا عند مجيء الرسل بما سبق في علم الله أنهم يكذبون به يوم أقروا به بالميثاق حين أخرجهم من صلب
آدم ، هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب .
والثاني: فما كانوا ليؤمنوا عند إرسال الرسل بما كذبوا به يوم أخذ ميثاقهم حين أخرجهم من صلب
آدم ، فآمنوا كرها حيث أقروا بالألسن ، وأضمروا التكذيب ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي .
والثالث: فما كانوا لو رددناهم إلى الدنيا بعد موتهم ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل هلاكهم ، هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
والرابع: فما كانوا ليؤمنوا بما كذب به أوائلهم من الأمم الخالية ، بل شاركوهم في التكذيب ، قاله
يمان بن رباب .
والخامس: فما كانوا ليؤمنوا بعد رؤية المعجزات والعجائب بما كذبوا قبل رؤيتها .