وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين
قوله تعالى:
وإذ أخذ ربك من بني آدم روى
ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان" - ونعمان قريب من عرفة - ذكره
ابن قتيبة ، فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها ، فنثرهم بين يديه كالذر ، ثم كلمهم قبلا ، وقال
ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا [ ص: 284 ] عن هذا غافلين ومعنى الآية: وإذا أخذ ربكم من ظهور بني آدم . فقوله
من ظهورهم بدل من بني آدم وقيل: إنما قال:
من ظهورهم ولم يقل: من ظهر آدم ، لأنه أخرج بعضهم من ظهور بعض ، فاستغنى عن ذكر ظهر
آدم لأنه قد علم أنهم بنوه ، وقد أخرجوا من ظهره . و قوله تعالى: ذرياتهم قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ، nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم ، nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة ، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي " ذريتهم " على التوحيد . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع ، nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ، nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر " ذرياتهم " على الجمع . قال
أبو علي: الذرية تكون جمعا ، وتكون واحدا .
وفي قوله:
وأشهدهم على أنفسهم ثلاثة أقوال .
أحدها: أشهدهم على أنفسهم بإقرارهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل .
والثاني: دلهم بخلقه على توحيده ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج .
والثالث: أنه أشهد بعضهم على بعض بإقرارهم بذلك ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير .
قوله تعالى:
ألست بربكم والمعنى: وقال لهم: ألست بربكم؟ وهذا سؤال تقرير . قالوا: بلى شهدنا أنك ربنا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي: قوله "شهدنا:" خبر
[ ص: 285 ] من الله تعالى عن نفسه وملائكته أنهم شهدوا على إقرار بني
آدم . ويحسن الوقف على قوله "بلى" لأن كلام الذرية قد انقطع . وزعم
الكلبي أن الذرية لما قالت "بلى" قال الله للملائكة إشهدوا فقالوا شهدنا وروى
أبو العالية عن
أبي بن كعب قال: جمعهم جميعا ، فجعلهم أزواجا ، ثم صورهم ، ثم استنطقهم ، ثم قال
ألست بربكم قالوا بلى شهدنا إنك إلهنا . قال: فإني أشهد عليكم السماوات السبع . والأرضين السبع ، وأشهد عليكم أباكم آدم
أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين لم نعلم بهذا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي: أجابته طائفة طائعين ، وطائفة كارهين تقية .
قوله تعالى: ( أن يقولوا ) قرأ
أبو عمرو " أن يقولوا " ، " أو يقولوا" بالياء فيهما . وقرأ الباقون بالتاء فيهما . قال
أبو علي: حجة
أبي عمرو قوله:
وإذ أخذ ربك وقوله
قالوا بلى ، وحجة من قرأ بالتاء أنه قد جرى في الكلام خطاب
ألست بربكم قالوا بلى شهدنا . ومعنى قوله: يقولوا لئلا يقولوا ، ومثله " أن تميد بكم " وفي قوله:
إنا كنا قولان .
أحدهما: أنه إشارة إلى الميثاق والإقرار .
والثاني: أنه إشارة إلى معرفة أنه الخالق . قال المفسرون: وهذه الآية تذكير من الله تعالى بما أخذ على جميع المكلفين من الميثاق ، واحتجاج عليهم لئلا يقول الكفار: إنا كنا على هذا الميثاق غافلين لم نذكره ، ونسيانهم لا يسقط الاحتجاج بعد أن أخبر الله تعالى بذلك على لسان النبي صلى الله عليه وسلم الصادق . وإذا ثبت هذا بقول الصادق ، قام في النفوس مقام الذكر ، فالاحتجاج به قائم .