[ ص: 2576 ] القول في تأويل قوله تعالى:
[157]
أو تقولوا لو أنا أنـزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم فقد جاءكم بينة من ربكم وهدى ورحمة فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها سنجزي الذين يصدفون عن آياتنا سوء العذاب بما كانوا يصدفون أو تقولوا لو أنا أنـزل علينا الكتاب أي: كما أنزل عليهم:
لكنا أهدى منهم أي: إلى الحق وأسرع منهم إجابة للرسول لمزيد ذكائنا وجدنا في العمل:
فقد جاءكم قال
أبو السعود: متعلق بمحذوف ينبئ عنه الفاء الفصيحة، إما معلل به، أي: لا تعتذروا بذلك فقد جاءكم. وإما شرط له. أي: إن صدقتم فيما كنتم تعدون من أنفسكم من كونكم أهدى من الطائفتين على تقدير نزول الكتاب عليكم، فقد حصل ما فرضتم وجاءكم:
بينة أي: كتاب حجة واضحة:
من ربكم متعلق ب (جاءكم) أو بمحذوف صفة ل (بينة) أي: بينة كائنة منه تعالى لا يتوهم فيه السحر:
وهدى بإقامة الدلائل ورفع الشبه:
ورحمة بإفاضة الفوائد وتسهيل طريقكم وتيسيرها إلى أشرف الكمالات:
فمن أظلم قال
أبو السعود: الفاء لترتيب ما بعدها على ما قبلها. فإن مجيء القرآن المشتمل على الهدى والرحمة موجب لغاية أظلمية من يكذبه. أي: وإذا كان الأمر كذلك:
فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها أي: صرف الناس وصدهم عنها. فجمع بين الضلال والإضلال. والمعنى إنكار أن يكون أحد أظلم منه أو مساويا له:
سنجزي الذين يصدفون الناس:
عن آياتنا أي: التي لو لم يصدفوا عنها لعرفوا إعجازها:
سوء العذاب أي: العذاب السيئ.
بما كانوا يصدفون وهذا كقوله تعالى:
الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله زدناهم عذابا فوق العذاب بما كانوا يفسدون