القول في تأويل قوله تعالى :
[ 47 ]
ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط .
ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا أي : فخرا بالشجاعة :
ورئاء الناس أي : طلبا للثناء بالسماحة والشجاعة
ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط أي : لا تكونوا
كأبي جهل وأصحابه ، وقد أتاهم رسول
nindex.php?page=showalam&ids=12026أبي سفيان وهم
بالجحفة أن ارجعوا ، فقد سلمت عيركم ، فأبوا ، وقالوا : لا نرجع حتى نأتي
بدرا ، فننحر بها الجزر ، ونسقي بها الخمر ، وتعزف علينا فيه القيان ، وتسمع بنا
العرب ، فذلك بطرهم ورئاؤهم الناس بإطعامهم ، فوافوها ، فسقوا كؤوس المنايا مكان الخمر ، وناحت عليهم النوائح مكان القيان ، أي : لا يكن أمركم رياء ولا سمعة ولا التماس ما عند الناس ، وأخلصوا لله
[ ص: 3013 ] النية والحسبة ، في نصر دينكم ، ومؤازرة نبيكم ، لا تعملوا إلا لذلك ، ولا تطلبوا غيره .
و ( الرئاء ) مصدر ( راءى ) ، إذا أظهر العمل للناس ليروه غفلة عن الخالق ، وقد يقال راياه مراياة ورياء ، على القلب .
و :
بطرا ورئاء إما مفعول من أجله ، أو مصدر في موضع الحال .
و ( يصدون ) إما حال ، بتأويل اسم الفاعل ، أو بجعله مصدر فعل هو حال ، وإما مستأنف .
ونكتة التعبير بالاسم أولا ثم الفعل ، الإعلام بأن البطر والرياء دأبهم ، بخلاف الصد فإنه تجدد لهم في زمن النبوة .