[ ص: 3018 ] القول في تأويل قوله تعالى :
[ 53 ]
ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم .
ذلك أي : التعذيب الذي علم كونه مؤاخذة بالذنوب
بأن الله أي : بسبب أنه تعالى :
لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم بتبديله إياها بالنقمة
حتى يغيروا ما بأنفسهم من وجبات تلك النعم من اعتقاد أو قول أو علم .
وهذا إخبار عن تمام عدله وقسطه في حكمه ، بأنه تعالى لا يغير نعمة أنعمها على أحد إلا بسبب ذنب ارتكبه ، كقوله تعالى :
إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم
قال
القاشاني : كل ما يصل إلى الإنسان هو الذي يقتضيه استعداده ، ويسأله بدعاء الحال ، وسؤال الاستحقاق .
فإذا أنعم على أحد النعمة الظاهرة أو الباطنة لسلامة الاستعداد ، وبقاء الخيرية فيه لم يغيرها حتى أفسد استعداده ، وغير قبوله للصلاح ، بالاحتجاب وانقلاب الخير الذي فيه بالقوة إلى الشر ، لحصول الرين وارتكام الظلمة فيه ، بحيث لم يبق له مناسبة للخير ، ولا إمكان لصدوره منه ، فيغيرها إلى النقمة عدلا منه وجودا ، وطلبا من ذلك الاستعداد إياها بجاذبة الجنسية والمناسبة ، لا ظلما وجورا . انتهى .
وأن الله سميع عليم أي : فيغير إذا غيروا ، غضبا عليهم بما يسمع منهم أو يعلم .