[ ص: 3049 ] القول في تأويل قوله تعالى :
[ 73 ]
والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير .
والذين كفروا بعضهم أولياء بعض أي : فلا يتولاهم إلا من كان منهم ، ففيه إشارة إلى نهي المسلمين عن موالاتهم ، وإيجاب مباعدتهم ومصارمتهم ، وإن كانوا أقرب وقد استدل به على أنه
لا توارث بين المسلمين والكفار .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=14070الحاكم في ( " مستدركه " ) عن
nindex.php?page=showalam&ids=111أسامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
لا يتوارث أهل ملتين ، ولا يرث مسلم كافرا ولا كافر مسلما ، ثم قرأ : والذين كفروا الآية ، رواه الشيخان عنه بلفظ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=660035« لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم » .
وقوله تعالى :
إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير أي : إلا تفعلوا ما أمرتكم به من التواصل ، وتولي بعضكم بعضا ، ومن قطع العلائق بينكم وبين الكفار ، تحصل فتنة في الأرض ومفسدة عظيمة ، لأن المسلمين ما لم يصيروا يدا واحدة على الشرك ، كان الشرط ظاهرا ، والفساد زائدا ، في الاعتقادات والأعمال .
وقيل : الضمير المنصوب للميثاق أو حفظه أو النصر أو الإثبات . وقيل إنه للاستنصار المفهوم من الفعل ، والفتنة : إهمال للمؤمنين المستنصرين بنا ، حتى يسلط علينا الكفار ، إذ فيه وهن للدين . ؟
قال
الشهاب : وفيه تكلف ، أي : فالأوجه عوده للتولي والتواصل - كما بينا - .
قال
الرازي : بيان هذه الفتنة والفساد عن وجوه :
الأول : أن المسلمين لو اختلطوا بالكفار في زمان ضعف المسلمين ، وقلة عددهم وزمان قوة الكفار ، وكثرة عددهم ، فربما صارت تلك المخالطة سببا لالتحاق المسلم بالكفار .
[ ص: 3050 ] الثاني : أن المسلمين لو كانوا متفرقين لم يظهر منهم جمع عظيم ، فيصير ذلك سببا لجرأة الكفار عليهم .
الثالث : أنه إذا كان جميع المسلمين كل يوم في الزيادة في العدد والعدد صار ذلك سببا لمزيد رغبتهم فيما هم فيه ، ورغبة المخالف في الالتحاق بهم . انتهى .
وقوله تعالى :