القول في تأويل قوله تعالى :
[ 38 ]
يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل .
وقوله :
إلى الأرض متعلق بـ :
اثاقلتم على تضمينه معنى الميل والإخلاد ، أي : اثاقلتم مائلين إلى الدنيا وشهواتها الفانية عما قليل ، وكرهتم مشاق الغزو المستتبعة للراحة الخالدة ، كقوله تعالى :
أخلد إلى الأرض واتبع هواه
أو مائلين إلى الإقامة بأرضكم ودياركم ، وكان ذلك في غزوة
تبوك في سنة عشر بعد رجوعهم من
الطائف ، استنفروا لغزو
الروم في وقت عسرة وقحط وقيظ ، وقد أدركت ثمار
المدينة وطابت ظلالها ، ومع بعد الشقة ، وكثرة العدو ، فشق عليهم .
وقوله تعالى :
أرضيتم بالحياة الدنيا أي : الحقيرة الفانية :
من الآخرة أي : بدل الآخرة ونعيمها الدائم
فما متاع الحياة الدنيا أظهر في مقام الإضمار لزيادة التقرير ، أي : فما التمتع بلذائذها
في الآخرة أي : في جنب الآخرة أي : إذا قيست إليها ، و ( في )
[ ص: 3155 ] هذه تسمى ( في القياسية ) ، لأن المقيس يوضع بجنب ما يقاس به
إلا قليل أي : مستحقر لا يؤبه له .
روى الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد nindex.php?page=showalam&ids=17080ومسلم عن
المستورد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=664615« ما الدنيا في الآخرة إلا كما يجعل أحدكم إصبعه هذه في اليم ، فلينظر بم ترجع » - وأشار بالسبابة - .
ثم توعد تعالى من لم ينفر إلى الغزو ، بقوله سبحانه :