[ ص: 3396 ] القول في تأويل قوله تعالى:
[ 94 ]
فإن كنت في شك مما أنـزلنا إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين فإن كنت في شك مما أنـزلنا إليك من قصص
موسى وفرعون وبني إسرائيل
فاسأل الذين يقرءون الكتاب أي التوراة
من قبلك فإنه عندهم على نحو ما أوحي إليك
لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين أي الشاكين في أنه منزل من عنده.
تنبيه:
لا يفهم من هذه الآية ثبوت شك له صلوات الله عليه، فإن صدق الشرطية لا يقتضي وقوعها، كقولك. (إن كانت الخمسة زوجا، كانت منقسمة بمتساويين) والسر في مثلها تكثير الدلائل وتقويتها، لتزداد قوة اليقين، وطمأنينة القلب، وسكون الصدر، ولذا أكثر تعالى في كتابه من تقرير أدلة التوحيد والنبوة والرجعة. أو السر هو الاستدلال على تحقيق ما قص، والاستشهاد بما في الكتاب المتقدم، وأن القرآن مصدق لما فيه، أو وصف الأحبار بالرسوخ في العلم، بصحة ما أنزل إلى رسول الله صلوات الله عليه، تعريضا بالمشركين، أو تهييج الرسول صلوات الله عليه، وتحريضه ليزداد يقينا، كما قال
الخليل صلوات الله عليه:
ولكن ليطمئن قلبي وقد روي
أنه صلى الله عليه وسلم قال حين نزول الآية: « لا أشك ولا أسأل » أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=16360عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة -أو الخطاب له صلى الله عليه وسلم والمراد غيره، على حد: (إياك أعني واسمعي يا جارة). وفيه من قوة التأثير في القلوب ما لا مزيد عليه، بمثابة
[ ص: 3397 ] ما لو خاطب سلطان عاملا له على بلدته بحضور أهلها بوصاياه وأوامره الرهيبة، فيكون ذلك أفعل في النفوس، أو الخطاب لكل من يسمع. أي: إن كنت أيها السامع في شك مما نزلنا على لسان نبينا إليك... وأيد هذا بقوله تعالى بعد:
قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فكأنه أشار إلى أن المذكور في أول الآية رمزا، هم المذكورون بعد صراحة، وفي الآية تنبيه على أن كل
من خالجته شبهة في الدين ينبغي أن يسارع إلى حلها بمقادحة العلماء المنبهين على الحق.
وقوله تعالى: