القول في تأويل قوله تعالى :
[78-81]
وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين فانتقمنا منهم وإنهما لبإمام مبين ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين .
وإن كان أصحاب الأيكة لظالمين ( إن ) مخففة من الثقيلة ، واسمها ضمير الشأن محذوف . أي : وإن الشأن كان أصحاب الأيكة ، وهم قوم شعيب عليه السلام . كانوا يسكنون أيكة ، وهي بقعة كثيرة الأشجار ، فظلموا بأنواع من الظلم ، من شركهم بالله وقطعهم الطريق ونقصهم المكيال والميزان . فبعث الله إليهم شعيبا عليه السلام فكذبوه .
فانتقمنا منهم أي : بعذاب الظلة ، وهي : سحابة أظلتهم بنار تقاذفت منها ، فأحرقتهم :
وإنهما يعني قرى قوم لوط والأيكة :
لبإمام مبين أي : طريق واضح . وقد كانوا قريبا من قوم لوط ، بعدهم في الزمان ومسامتين لهم في المكان . ولهذا لما أنذرهم
شعيب قال :
وما قوم لوط منكم ببعيد ولقد كذب أصحاب الحجر المرسلين يعني
ثمود، كذبوا
صالحا عليه السلام . ومن كذب واحدا من الأنبياء عليهم السلام ، فقد كذب الجميع ; لاتفاقهم على التوحيد والأصول التي لا تختلف باختلاف الأمم والأعصار . و ( الحجر ) : واد بين المدينة والشام كانوا يسكنونه معروف ، يجتازه ركب الحج الشامي .
وآتيناهم آياتنا فكانوا عنها معرضين يعني بالآيات ما دلهم على صدق دعوى نبيهم ، كالناقة التي أخرجها الله لهم بدعاء
صالح من صخرة صماء ، وكانت تسرح في بلادهم :
[ ص: 3767 ] لها شرب ولكم شرب يوم معلوم فلما عتوا وعقروها ، قال :
تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب