القول في تأويل قوله تعالى :
[10-11]
هو الذي أنـزل من السماء ماء لكم منه شراب ومنه شجر فيه تسيمون ينبت لكم به الزرع والزيتون والنخيل والأعناب ومن كل الثمرات إن في ذلك لآية لقوم يتفكرون .
هو الذي أنـزل من السماء أي : المزن :
ماء لكم منه شراب يسكن حرارة العطش :
ومنه شجر أي : ومنه يحصل شجر . والمراد به : ما ينبت من الأرض ، سواء كان له ساق أو لا
فيه تسيمون أي : ترعون أنعامكم.
ينبت أي : الله عز وجل :
لكم به الزرع أي : الذي فيه قوت الإنسان :
والزيتون أي : الذي فيه إدامه. :
والنخيل والأعناب أي : اللذين فيهما ، مع ذلك ، مزيد التلذذ :
ومن كل الثمرات أي : يخرجها بهذا الماء الواحد ، على اختلاف صنوفها وطعومها وألوانها وروائحها . ولهذا قال :
إن في ذلك أي : في إنزال وإنبات ما فصل :
لآية لقوم يتفكرون أي : دلالة وحجة على وحدانيته تعالى . كما قال سبحانه :
أمن خلق السماوات والأرض وأنـزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون
قال
أبو السعود: وأصله
للرازي في شرح كون ما ذكره حجة ; فإن من تفكر في أن الحبة أو النواة تقع في الأرض وتصل إليها نداوة تنفذ فيها فينشق أسفلها فيخرج منه عروق تنبسط في أعماق الأرض ، وينشق أعلاها وإن كانت منتكسة في الوقوع ، ويخرج منه ساق فينمو ويخرج منه الأوراق والأزهار والحبوب والثمار المشتملة على أجسام مختلفة الأشكال والألوان والخواص والطبائع ، وعلى نواة قابلة لتوليد الأمثال على النمط المحرر ، لا إلى نهاية ،
[ ص: 3786 ] مع اتحاد المواد واستواء نسبة الطبائع السفلية والتأثيرات العلوية ، بالنسبة إلى الكل ; علم أن من هذه أفعاله وآثاره لا يمكن أن يشبهه شيء في شيء من صفات الكمال ، فضلا عن أن يشاركه أخس الأشياء في أخص صفاته ، التي هي الألوهية واستحقاق العبادة . تعالى عن ذلك علوا كبيرا. وحيث افتقر سلوك هذه الطريقة إلى ترتيب المقدمات الفكرية، قطع الآية الكريمة بالتفكر. انتهى . وقوله تعالى :