القول في تأويل قوله تعالى :
[4-5]
وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ولتعلن علوا كبيرا فإذا جاء وعد أولاهما بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد فجاسوا خلال الديار وكان وعدا مفعولا .
وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب أي : كتاب اللوح المحفوظ ، أي : حكمنا فيه :
لتفسدن في الأرض مرتين يعني أرض
فلسطين بيت المقدس التي بارك الله حولها . والإفساد بالكفر والمعاصي .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14529السمين : في تعدية ( قضينا ) بـ ( إلى ) تضمينه معنى أنفذنا . أي : أنفذنا إليهم بالقضاء المحتوم . ومتعلق القضاء محذوف . أي : بفسادهم . وقوله :
لتفسدن جواب قسم محذوف مؤكد لمعنى القضاء ، أو جواب لقوله :
وقضينا لأنه ضمن معنى القسم . ومنه قولهم : ( قضاء الله لأفعلن كذا ) فيجرون القضاء والقدر مجرى القسم ، فيتلقيان بما يتلقى به القسم . و ( مرتين ) أي : إفسادتين . منصوب على أنه مصدر ( لتفسدن ) من غير لفظه . وعدل عنه ؛ لأن تثنية المصدر وجمعه ليس بمطرد
ولتعلن علوا كبيرا أي : ولتستكبرن وتتعظمن عن طاعة الله تعالى ، أو لتظلمن الناس
فإذا جاء وعد أولاهما أي : موعود أولى المرتين ، أي : وما وعدوا به في المرة الأولى ، يعني وعد المؤاخذة على أولى المفسدتين :
بعثنا عليكم عبادا لنا أولي بأس شديد أي : ذوي قوة وبطش في الحرب ، شديد :
فجاسوا خلال الديار ترددوا خلال أماكنكم ومحالكم للقتل والسبي والنهب :
وكان وعدا مفعولا أي : مقضيا لا صارف له .
[ ص: 3903 ]