القول في تأويل قوله تعالى :
[31]
ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئا كبيرا .
ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم نهي لهم عما كانوا يفعلونه في الجاهلية من قتلهم أولادهم . وهو وأدهم بناتهم . أي : دفنهن في الحياة . كانوا يئدونهن خشية الفاقة وهي الإملاق والفقر ، بالإنفاق عليهم إذا كبروا . فنهاهم الله وضمن لهم أرزاقهم بقوله :
نحن نرزقهم أي : نحن المختصون بإعطاء رزقهم في الصغر والكبر ، وقوله تعالى :
وإياكم أي : الآن بإغنائكم . وقوله تعالى :
إن قتلهم أي : للإملاق الحاضر والخشية في المستقبل :
كان خطئا كبيرا أي : لإفضائه إلى تخريب العالم . وأي خطأ أكبر من ذلك .
[ ص: 3925 ] تنبيه :
دل قوله تعالى :
خشية إملاق على أن ذلك هو الحامل لهم على الوأد ، لا خوف العار كما زعموا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد في (" الكامل ") : كانت العرب في الجاهلية تئد البنات ، ولم يكن هذا في جميعها . إنما كان في تميم بن مر ، وقيس ، وأسد ، وهذيل ، وبكر بن وائل .
ثم قال : ودل على ما من أجله قتلوا البنات فقال :
ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق وقال :
ولا يقتلن أولادهن فهذا خبر بين أن ذلك للحاجة . وقد روى بعضهم : أنهم إنما فعلوا ذلك أنفة . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة معمر بن المثنى ؛ أن تميما منعت النعمان الإتاوة . فوجه إليهم أخاه
الريان بن المنذر ، فاستاق النعم وسبى الذراري . فوفدت إليه
بنو تميم . فلما رآها أحب البقيا . فأناب القوم وسألوه النساء . فقال
النعمان : كل امرأة اختارت أباها ردت إليه ، وإن اختارت صاحبها تركت عليه . فكلهن اختار أباها ، إلا
ابنة القيس بن عاصم فإنها اختارت صاحبها
عمرو بن المشمرج . فنذر
قيس إلا تولد له ابنة إلا قتلها . فهذا شيء يعتل به من وأد ، ويقول : فعلناه أنفة ، وقد أكذب ذلك بما أنزل الله تعالى في القرآن .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رحمه الله ( في تأويل هذه الآية ) : وكانوا لا يورثون ولا يتخذون إلا من طاعن بالرمح ومنع الحريم . يريد : الذكران . والخطأ كالإثم ، لفظا ومعنى .
ولما نهى عن
قتل الأولاد ، نهى عن قطع النسل بقوله سبحانه :