القول في تأويل قوله تعالى :
[1-2]
كل ذلك كان سيئه عند ربك مكروها ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة ولا تجعل مع الله إلها آخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا .
كل ذلك أي : المنهي عنه من قوله :
ولا تجعل مع الله إلها آخر إلى هذه الغاية :
كان سيئه عند ربك مكروها قال
المهايمي : أما الشرك فلإخلاله بالكمال المطلق الذي لا يتصور مع الشرك . وأما عبادة الغير فلما فيها من تعظيمه المخصوص بذي الكمال المطلق ، فهو في معنى الشرك . وأما العقوق فلأنه كفران نعمة الأبوين في التربية ، أحوج ما يكون المرء إليها . ومنع الحقوق بالبخل تفريط ، والتبذير والبسط إفراط . وهما مذمومان . والذميم مكروه . والقتل يمنع الحكمة من بلوغها إلى كمالها . . . والزنى وإتلاف مال اليتيم في معناه . ونقض العهد مخل بنظام العالم . وكذا اقتفاء ما لا يعلم . والتكبر من خواص الحق . وعادة الملوك كراهة أن يأخذ أحد من خواصه شيئا .
ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة أي : مما يحكم العقل بصحته ، وتصلح النفس بأسوته .
قال
المهايمي : أي : من العلم المحكم الذي لا يتغير بشبهة :
ولا تجعل مع الله إلها [ ص: 3930 ] آخر كرره للتنبيه على أن التوحيد مبدأ الأمر ومنتهاه . وأنه رأس كل حكمة وملاكها . ومن عدمه لم ينفعه علومه وحكمه .
قال
أبو السعود : وقد رتب عليه ما هو عائدة الإشراك أولا حيث قيل :
فتقعد مذموما مخذولا ورتب عليه ها هنا نتيجة في العقبى فقيل :
فتلقى في جهنم ملوما أي : بالجهل العظيم :
مدحورا أي : مبعدا مطرودا من الرحمة . وفي إيراد الإلقاء ، مبنيا للمفعول ، جري على سنن الكبرياء ، وازدراء بالمشرك وجعل له ، من قبيل خشبة يأخذها آخذ بكفه ، فيطرحها في التنور . انتهى . وقوله تعالى :