القول في تأويل قوله تعالى :
[76-77]
وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلا سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلا وإن كادوا أي: أهل مكة :
ليستفزونك من الأرض أي : ليزعجونك بمعاداتهم من
مكة :
ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك أي : ولو خرجت لا يبقون بعد خروجك :
إلا قليلا أي : زمانا قليلا .
سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا يعني أن كل قوم أخرجوا رسولهم من بين ظهرانيهم ، فسنة الله أن يهلكهم . ونصبت نصب المصدر المؤكد . أي : سن الله ذلك سنة :
ولا تجد لسنتنا تحويلا أي : تغييرا . ولا يخفى أن المراد بعدم لبثهم ، إهلاكهم . سواء كان بالاستئصال أو لا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير : وكذلك وقع ، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يكن بين هجرته من بين أظهرهم بعد ما اشتد أذاهم له إلا سنة ونصف ، حتى جمعهم الله وإياه ببدر على غير ميعاد . فأمكنه منهم ، وسلطه عليهم ، وأظفره بهم . فقتل أشرافهم وسبى سراتهم . ولهذا قال تعالى :
سنة من قد أرسلنا أي : هكذا عادتنا في الذين كفروا برسلنا وآذوهم . يخرج الرسول من بين أظهرهم ويأتيهم العذاب . ولولا أنه صلى الله عليه وسلم رسول الرحمة ، لجاءهم من النقم في الدنيا ما لا قبل لأحد به ، كما قال تعالى :
وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم
وقوله تعالى :
[ ص: 3959 ]