ولما فصل مساوئ الكفرة، تأثره بمحاسن البررة، فقال سبحانه:
[ ص: 4166 ] القول في تأويل قوله تعالى:
[96]
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا .
إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا أي: يغرس لهم في قلوب عباده الصالحين محبة ومودة، من غير تعرض للأسباب التي تكسب الود. كذا قالوا في تأويله. وقال
أبو مسلم : معناه أنه يهب لهم ما يحبون. قال: والود والمحبة سواء. آتيت فلانا محبته. وجعل لهم ما يحبون وجعلت له وده. ومن كلامهم: وددت لو كان كذا. أي: أحببت. فمعناه سيعطيهم الرحمن ودهم أي: محبوبهم في الجنة. ثم قال
أبو مسلم : وهذا القول الثاني أولى لوجوه:
أحدها: كيف يصح القول الأول مع علمنا بأن المسلم المتقي يبغضه الكفار وقد يبغضه كثير من المسلمين؟
وثانيها: أن مثل هذه المحبة قد تحصل للكفار والفساق أكثر، فكيف يمكن جعله إنعاما في حق المؤمنين؟
وثالثها: أن محبتهم في قلوبهم من فعلهم. فكان حمل الآية على إعطاء المنافع الأخروية أولى. انتهى. وقد حاول
الرازي التمويه في اختيار الأول والجواب عن الثاني. والحق أحق. وقوله تعالى: