القول في تأويل قوله تعالى:
[9 - 10]
وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى .
وهل أتاك حديث موسى من عطف القصة أو استئناف. والقصد تقرير أمر
[ ص: 4172 ] التوحيد الذي انتهى إليه الآية قبله، ببيان أنه دعوى كل نبي لا سيما أشهرهم نبأ، وهو
موسى عليه السلام. فقد خوطب بقوله تعالى:
إنني أنا الله لا إله إلا أنا وبه ختم تعالى نبأه في هذه السورة بقوله:
إنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو أو تقرير لسعة علمه المبين في قوله تعالى:
وإن تجهر بالقول إلخ لقوله بعد:
وسع كل شيء علما أولهما معا. أو لحمله، صلوات الله عليه، على التأسي
بموسى في الصبر والثبات. لكونه ابتلي بأعظم من هذا فصبر، وكانت العاقبة له. وقد أشير في طليعة نبأ
موسى عليه السلام، إلى كيفية ابتداء الوحي إليه، وتكليمه تعالى إياه. وذلك بعد أن قضى
موسى الأجل الذي كان بينه وبين صهره في رعاية الغنم. وصار بأهله قاصدا بلاد مصر، بعد ما طالت غيبته عنها ومعه زوجته. فأضل الطريق. وكانت ليلة شاتية، ونزل منزلا بين شعاب وجبال في برد وشتاء. وبينما هو كذلك إذ آنس من جانب الطور نارا، كما قصه تعالى بقوله:
إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا أي: أبصرتها إبصارا بينا لا شبهة فيه:
لعلي آتيكم منها بقبس أي: بشعلة مقتبسة تصطلون بها:
أو أجد على النار هدى أي: هاديا يدلني على الطريق.